هل سيعتذر كاميرون؟

يسعى رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، لحشد تأييد غالبية أعضاء البرلمان خصوصا من خارج حزبه لتوسيع الغارات الجوية لضرب تنظيم داعش في سوريا، ولكنه غير متأكد من تصويت نواب حزب العمل، حيث يريد جيرمي كوربين أن تصوت كتلته البرلمانية ضد شن غارات جوية ككتلة موحدة في التصويت، كما حدث في 2013 حين خسر كاميرون التصويت بشأن شن غارات جوية ضد القوات الموالية للرئيس السوري بشار الأسد.

في 2013 لم يسمح حزب العمال لنوابه بالتصويت بشكل حر، وأمرهم بالتصويت ضد الحكومة، وهذا ما لا أعتقد أنه سيتكرر هذة المرة، ويبدو أن كاميرون سيحصد صوت الأغلبية لدعم قراره، مستفيداً من أجواء الرعب التي أصابت الأوروبين بعد سلسلة تفجيرات باريس، والتصريحات المتكررة لعدة دول عن قبضها على خلايا إرهابية وإحباطها هجمات محتملة.

المسوغات التي ساقها كاميرون لا تختلف كثيرا عن مسوغات بوتين في بداية المشاركة العسكرية المباشرة قبل أسابيع، وهو قتال داعش في سوريا بدل من قتالها على أراضية، مشيرا إلى أن معلومات إستخبارية أدت لمنع سبع عمليات إرهابية خلال الإثني عشر شهرا الماضية، مردفا إيقاف داعش يعني التصدي لها في سوريا، حيث مركزها الرئيسي في الرقة.

ذكر رئيس أركان الجيش البريطاني الجنرال نيكولاس هوتن، أن بريطانيا “تتخلى عن حلفائها” بعدم تدخلها عسكريا في سوريا لقتال داعش، وهو ما أشار إليه ديفيد كاميرون أيضا، عن وجوب وقوف بريطانيا إلى جانب حلفائها حين يتعرضون لهجوم، مشيرا إلى أن باراك أوباما وفرانسوا هولاند طلبا تدخل أكبر من بريطانيا في العمليات في سوريا.

هذا التدخل الإنجليزي والبريطاني في سوريا، وضع أرضيته التدخل الروسي ، وحقق له الذريعه “الشعبية” أحداث باريس الإرهابية، لاحظ أن الجميع اليوم يتدخل للتصدي لداعش، ولكن لا أحد يتكلم اليوم عن التصدي لقوات الأسد، كما كان كاميرون نفسه يقول في 2013، مما يشير إلى أن توجه بريطانيا وفرنسا لسوريا لا يعني قتال روسيا، بل يعني عدم السماح لها بإلتهام كامل سوريا.

إسقاط الطائرة الروسية من قبل الأتراك، ليس بمنحنى عن النزاع حول الحصص في شمال سوريا، حيث لا رأي للسوريين في مستقبل سوريا، وربما لا وجود بالمعنى السياسي، وما غيابهم عن إجتماعات فيينا إلا رمزية مهمة.

روسيا أعلنت بعد سقوط الطائرة المصرية فوق شرم الشيخ أنها ستعلن عن نشر منظومة دفاع جوي لسوريا، وهذا يعني أن معلومات وصلتها عن تسليح أمريكي نوعي للمعارضة المعتدله، وهو القيمة البخس التي يدفعها اوباما للنأي بالنفس مع جعل سوريا مستنقع لروسيا، وبعد الطائرة الأخرى التي أسقطتها تركيا أعلنت روسيا عن نشر صواريخ اس400 القادرة للتصدى للطائرات والصواريخ، مما يعني مزيدا من التعقيد في المشهد.

رؤية الإدارة الأمريكية المتخاذلة حول سوريا، والتي اختارت إدراة الخلاف عوضا عن السعي لحله، عبر السماح للإرهاب بالتمدد، ومنع المعارضة والنظام على السواء من القدرة على حسم المعركة، هذة السياسة هي التي سمحت لبوتين ليتمدد بعنفوان القيصر في سوريا، وها هو أوباما يطلب من حلفاءه في بريطانيا وغيرها المشاركة في الضربات على سوريا، وإذا ما سقطت عندها طائرة بريطانية، فهل سيعتذر كاميرون للشعب البريطاني كما فعل بلير قبل أسابيع واعتذر عن “خطأ” التدخل في العراق 2003 متعذرا بمعلومات إستخبارية غير دقيقة.

 

الموقع الشخصي

الأحد 29 نوفمبر 2015


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *