في 2011 كان العالم مبهورا أو مصدوما مما يحصل في العالم العربي، من إسقاط أنظمه ظنت شعوبها أنها رفيقتهم “من المهد إلى اللحد”، سقطت الأنظمة في أربع جمهوريات، وهزت الأحداث دول أخرى بدرجات متفاوته، وكان الربيع العربي الخبر الأول دائما في وسائل الإعلام، وكان الشاغل لمراكز الدراسات لفهم مسببات حدوث ما ظُن مستحيلا، وبالطبع دراسه التبعات المتوقعه.
ثم بدأنا 2012 والكثير من الدول تتجه للإستقرار أو للتغيير على أقل تقدير، بدأ الإنتقال الديموقراطي، وتسيد المشهد الأزمة السورية المستعره، وظل يلوح في الأفق سقوط النظام السوري، وهو سقوط غريق بحمامات الدم، وظلت إحتمالات بقاء النظام إما بحرب أهليه أو تقسيم لسوريا وارده.
وقد ظل التعامل مع عام 2012 وكأنه عام مكمل ل 2011، أو 2011 أس بلغة أبل، وكأننا ضُربنا على رأسنا في 2011 و لن نستفيق قبل 2013، بينما شهد 2012 أحداث كبيرة لم يسلط عليها الضوء بالإجمال، مما يضفي بريقا لهذا العام، الذي أسميه عام المفاجأت.
فقد انتقلت تونس ومصر لحكم إخواني بدرجه كبيرة، وكانت المفاجأه الأولى فشل تنظيم الإخوان بالفوز في الإنتخابات الليبيه، بل فوز التيار الليبرالي ،وتحقيق تحالف القوى الوطنيه الذي يرأسه محمود جبريل للأغلبيه البرلمانية.
في سوريا كانت عمليه إغتيال خلية الأزمة، وموت كبار أركان النظام صدمه غير متوقعه، لا سيما والدعم الدولي شبه معدوم، ودعم حلفاء النظام لا سيما روسيا وإيران بلا حدود، تماسك النظام إلى حد ما بعد هذة الحادثه هو مفاجأة أيضا، جعلت التوقعات والتحليلات السياسيه تتسم بالحيرة في أحايين كثيره عن ماذا بعد؟
التحرر في لبنان ومصر كان صادما جدا، فلبنان التي ظلت تعاملها سوريا كحديقة خلفيه، أعلنت قبضها على الوزير والبرلماني السابق ميشال سماحه، حليف النظام السوري و 8 آذار بالنتيجه، لبنان الذي عانى من إغتيالات سياسيه، وإنقلابات حزب الله وفرض الأمر الواقع بالقوة وتحت ذريعه المقاومة، أعلن جهازه الأمني بإستقلاليه عن العمليه التي أراد بشار بها قتل مسيحيين في لبنان، ونسبها لتيارات سنيه، وعندها صار الشعور في لبنان بالتحرر من سطوة النظام السوري الجاثم على صدورهم واقعا، وأصبح دليلا حقيقيا على أن الوصايةالسورية زائله لا محاله.
مصر شهدت في هذا العام رئيس منتخب، وبرلمان منحل ولجنه دستوريه أنهت ما يزيد عن خمسين ماده من الدستور، ولكن صدمتها الأكبر كانت وفاة الصندوق الأسود عمرو سليمان، رئيس المخابرات الأسبق ونائب الرئيس الأقصر في عهد مصر.
وفي رمضان حدثت فاجعه معبر رفح وقتل 16 من الجنود المصريين وقت الإفطار، ولكن لم يتوقع حتى المبصرين أن تكون هذه الحادثة الباب لتحرر مصر من حكم العسكر، بعد ستين عاما من الحكم، فإقالة المشير طنطاوي والفريق سامي عنان، كان أشبه بضرب من خيال، لا سيما وطنطاوي قد أقسم قبل أيام كوزير دفاع في حكومة هشام قنديل، المفاجأه أكتملت بإلغاء الإعلان الدستوري المكمل، وبعدما كان العذر يؤخذ من محبي مرسي بأن صلاحياته منقوصه، أصبح يملك صلاحيات لم يملكها أحد في مصر منذ عهد الخديوي عباس حلمي الثاني (1874 -1944).
هذا بعض أبرز ما حصل في ثلثي 2012، الذي اعتقد الكثير أنه تكمله للتسلسل الحاصل في العام الذي قبله، بقي ثلث العام الذي يبدو ملئ بالمفاجأت ومخالفا لكل التوقعات.


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *