كان طبيعياً أن تستعين إيران بحسن نصر الله؛ ليتولى خطاب الرد على «عاصفة الصمت»؛ لما يمتلكه السيد من كاريزما تفوق عبدالملك الحوثي، وقدرته على نسج الشعارات بالباطل لتؤثر في الأقل في جمهور الحزب، أما خارج الحزب فحتى الشيعة العرب يدركون أن نصر الله جزء من مشروع غير عربي، ومنذ تدخل ميليشيات الحزب في سورية وصدقية الحزب وكذب المقاومة في الحضيض، هذا إن بقي شيء منها بعد اعتداء 2008، على «السنة» في غرب بيروت وعلى جنبلاط في الجبل.
في خطاب نصر الله حاول تفنيد مسوغات السعودية حول «عاصفة الصمت»، وبدأ بكذب ادعاء السعودية نصرتها لشرعية الرئيس، ودليله الواهي أن السعودية لم تنصر زين العابدين بن علي الموجود لديها، ولم تنصر حليفها حسني مبارك، ولم تقم بقصف الشعب المصري والتونسي، ومن المعروف أن السعودية استقبلت زين العابدين حرجاً بعد رفض مالطا وإيطاليا لهبوط طائرته، كما أن الصورة لم تكن واضحة بعدُ عن ثورة تونس، ناهيك عن «الربيع العربي». ولا أدري من أين أتى زعمه بأن السعودية سعت لإعادة زين العابدين للحكم، في مغالطة تاريخية لا يدَّعيها إلا مزور للتاريخ، ولا يوجد تصريح سعودي واحد بذلك، أما في ما يخص مصر فقد كان مبارك حليفاً للسعودية، ولكن لم تقف السعودية ضد إرادة الشعب المصري، مع أنها رفضت أي ضغط أميركي؛ للتغيير إذا ما كان خلافاً لما يريده الشعب المصري، وهذا معروف في التاريخ الذي يجهله نصر الله، حين تقبلت السعودية «ثورة 52» للضباط الأحرار، وصرحت بوضوح أنها تقف إلى جانب إرادة الشعب المصري؛ لأن الشعوب هي حليفها وليست الأنظمة، وإن كان ذلك عصياً على فهم السيد. ثم تناول سماحة السيد زيف ادعاء السعودية بأن الحوثي عميل إيران يمثل خطراً على السعودية، وكان هذا الخطر لم يكن قائماً في 2009 حين حاول الحوثيون اختراق الحدود السعودية، وكان ماثلاً للعيان في الأيام السابقة عبر سعي الحوثي وحليفه صالح للسيطرة على باب المندب، ناهيك عن الدبابات التي تحركت نحو الحدود السعودية قبل «عاصفة الحزم»، ورد عليها الجيش السعودي بكل حزم. كثيراً ما حاول نصر الله لوم السعودية على تخليها عن فلسطين، وخطأ توجه سلاحها إلى اليمن وتخليها عن القضية، متناسياً أن السعودية كانت دوماً داعمة للفلسطينيين جميعاً، وليس لفصيل منفرد في فلسطين، بل إن المبادرة العربية الجريئة في بيروت خلال القمة العربية سنة 2000، والتي أطلقها الملك عبدالله بن عبدالعزيز، والتي تضمن حصول الفلسطينيين على دولة على «حدود 67»، لم يفسدها إلا الحوار الأحادي من بشار الأسد مع الإسرائيليين، ناهيك عن تفريق القرار الفلسطيني عبر خالد مشعل المقيم في دمشق آنذاك.
وبالطبع كان محور المقامرة داعماً للفلسطينيين، ولاسيما في حربه ضد المقاومة في بيروت، حتى خرجت من لبنان لتونس بفضل سورية وأمل وحزب الله، وربما هذا هو الموقف المشرف الذي قصده حول دعم سورية للقضية الفلسطينية، وعلى ذكر العراق الذي يرى أن السعودية دعمت غزو بوش لها ثم تصدير «القاعدة»، أقول له عد إلى التصريحات والوقائع، ثم انظر من قدم الدعم اللوجيستي للأميركان غير ولي أمرك في إيران، ومن اعترض على الغزو غير السعودية، ومن كان يصدر «القاعدة» إلى العراق سوى نظام بشار الأسد حليفكم.
لا تتسع مساحة المقالة لكل ما ذكره سماحة السيد من كذب في التاريخ والحاضر، ولكن كان لافتاً ومضحكاً ما ذكره من أن الشعوب العربية اتجهت نحو إيران؛ لأن السعودية والعرب خذلوهم، وأقول له عليك مشاهدة العرب الأهواز وهم يرفعون صور الملك سلمان احتفاءً بعاصفة الحزم، دليل عدالة نظام الملالي الذي تدين له بالولاء والطاعة. المبهج في الموضوع أن لغة الانفعال التي لازمت خطابة لتشكل دلالة على أن الصراخ على قدر وجع العاصفة، وعليه قبل أن يتذرع بذريعة المقاومة لبنانياً وفلسطينياً، يجيب لماذا لم يرسم الحدود مع سورية، ويقول: أيسمح له نظام الأسد بأن تكون قرية الغجر وصبرا وكفر شوبا أرضاً لبنانية ليشرعن المقاومة، أم أن النظام السوري يدرك أنها أراضٍ سورية، ومن ثم سيكتفي سماحة السيد بمقاومة العدو الإسرائيلي في القصير ودمشق وبقية الأراضي السورية.
صحيفة الحياة
http://alhayat.com/Opinion/Abdulrahmaan-Al-Toriri/8308918
الاثنين 30 مارس 2015
اترك تعليقاً