خرج روبرت فيسك الصحافي الإنجليزي بالإندبندنت، ليؤكد ما يتناقله البعض في مصر من أن أحمد شفيق هو الفائز بالانتخابات الرئاسية بنسبة 50.7 في المئة، وأن مرسي لم يحصل على أكثر من 49.3 في المئة، مرجعاً معلومته لمصدره الذي أسماه ثعلب ميدان التحرير.
ويذكر فيسك أن إعلان مرسي رئيساً تم عبر صفقه بين جماعة الإخوان المسلمين والمجلس العسكري، لما ارتآه المجلس العسكري من خطر على أمن مصر، والأيام التي فصلت بين إغلاق صناديق الاقتراع وإعلان النتيجة، شهدت أخباراً متعددة عن مخاطر أمنية تحيط بمصر، من دخول عناصر من غزة، ودخول أسلحة أعلنت الداخلية المصرية عن بعضها بالفعل، بالتأكيد حشد الإخوان في الميادين كان عاملاً مهما لإقناع «العسكري» بالصفقة.
أضف إلى ذلك أن صلاحيات الرئيس محدودة، إضافة لحل البرلمان، تضمن إلجام مطامع الإخوان في السيطرة على مقاليد الحكم، وإن كان قرار مرسي غير القانوني إلغاء قرار حل البرلمان دليلاً على أن الإخوان أحسن من يأخذ ثم يطالب.
كان اللافت إحجام العسكري والإخوان معاً عن الرد على هذه التصريحات، وتجاهل ما نشر في الإعلام الغربي، على رغم أن كثيراً من الحكام العرب يهتمون بمخاطبة الغرب عبر إعلامهم، وفعلها منذ اندلاع الثورات الأسد والقذافي وغيرهما، حتى قيادات من الإخوان قامت بذلك، وأبرزها خيرت الشاطر وعصام العريان، لكن يبدو أنهم يرون الاتصال باتجاه واحد، لتوصيل رسائل من دون الرغبة في استقبال رسائل.
يقال إن الأرقام لا تكذب، وبالأرقام يحق لنصف المصريين فقط التصويت، ومن 40 مليوناً يحق لهم التصويت، صوّت حوالي الربع لمرشح الإخوان، ومن المؤكد أن أرقام المرشحين متقاربة أيا كان الفائز، وما يصنع الفارق هو النظر في بعض
الطعون من عدمها.
سيناريو الصفقة إذا كان صحيحاً، فهو تأكيد على أن الإخوان وهم يرقبون انتخابات الرئاسة وبعد خسارة البرلمان، وضعوا المجلس العسكري أمام خيارين: إما مرسي رئيساً أو إحراق مصر، وبالتالي لا يلام المجلس، فالصفقات في السياسة هي الأساس، لأن السياسة هي علم الممكن.
وفي الحديث عن الصفقات فإن الإخوان لم يكونوا ليحققوا هذه النسبة من التصويت في انتخابات الرئاسة، لولا تحالفات أبرزها مع السلفيين- ثاني أكبر الكتل تمثيلاً في البرلمان المنحل – وما يميز سلفيي مصر، أن مرسي لن يستطيع تشكيل حكومة من دون وزيرين إلى ثلاثه من السلفيين، ورئيس وزراء يوافقون عليه. كان التفاؤل يسود في مصر حتى من صوتوا لشفيق، وحتى أكثر المتشائمين من دولة دينية، حيث الارتياح العام بعد النتيجة، بدءاً من تصريحات إيجابية من دول عديدة، مروراً بعودة جزء من دور مصر الإقليمي عبر اجتماع المعارضة السورية، وصولاً للتصاعد الطرد في البورصة المصرية.
في اعتقادي أن التفاؤل الذي عم «المحروسة» مدعاه بداية الأطراف السياسية بالعمل بالسياسة فعلاً، فهناك شبه اتزان على أن لا تطغى سلطه على أخرى.
الأحد قبل الماضي قام مرسي بإصدار قرار برفض حل البرلمان، وبدعوته للانعقاد، مما شكل حاله طوارئ لدى المجلس العسكري، ودعي للانعقاد، وانشق الشارع مره أخرى، بين تيارات دينية تراه قراراً سديداً، وبقية التيارات التي تراه قفزاً على سلطه القضاء، إذاً: ما نشهده في مصر من نهج الإخوان، ليس فقط أنهم لا يمانعون في تزوير الأرقام ما دام ذلك موصلا للقصر، بل أيضاً لا يمانعون من تزوير إرادة القانون سعياً لاحتكار السلطات.
اترك تعليقاً