الحزم السعودي

منذ العام 2006 وحرب حزب الله مع إسرائيل، والأقنعة تتساقط تباعاً عن المحور الإيراني، وعملاء إيران في المنطقة، وقد كان ذلك الحدث مفصلياً في السياسة الخارجية السعودية، وخرج أول تصريح حازم “حين اعتبر اختطاف جنود وجر لبنان لحرب بقرار أحادي غُلبت فيه المصلحة الحزبية، هي مغامرة سياسية لمصلحة أطراف خارجية”.

وهي حرب لم تعد للبنان بأي فائدة فلا هي حققت سلاماً، ولا أعادت أراضي محتلة، وأعطت إسرائيل ذريعة لتدمير البنية التحتية وقتل أكثر من 1200 شخص، ومن نافلة القول إن أهم أسباب الحرب التغطية على انكسار سوريا بخروجها من لبنان، وعلى محكمة اغتيال الحريري، وهو أسلوب إيراني صرف في الهروب إلى الأمام في الأزمات.

ومنذ ذلك الحين وإيران تسعى إلى زعزعة المنطقة، عبر حلفائها، ثم استمرت في 2011 محاولة السيطرة على الخليج عامة، فرعت محاولة الفوضى المدحورة في البحرين، وقبلها أعلنت الكويت إلقاء القبض على شبكة جاسوسية تابعة لإيران.

ومما زاد الوضع سوءاً بالنسبة لإيران، ووقف سداً منيعاً أمام الطموحات التوسعية الإيرانية، الموقف الحازم لسياسة السعودية، بدءاً من اعتبار مملكة البحرين خطاً أحمر، وعدم التردد في المشاركة في توجه قوات درع الجزيرة لحماية المنشآت في البحرين.

السعودية تعاملت بنفس الحزم الذي تعاملت به مع الشقيقة البحرين في تعاملها مع الشقيقة الإمارات، في خطوات رد على الزيارة الوقحة لأحمدي نجاد إلى الجزر الإماراتية المحتلة، وللمناورات الإيرانية التي جرت مؤخراً في مياه الخليج العربي، حيث أصبحت الرسالة واضحة للإيرانيين.

وأكثر المواقف السعودية إثارة للحنق الإيراني، هو الموقف السعودي الواضح والصريح من أزمة سوريا وثورتها على استبداد الأسد ووالده والذي امتد لأربع عقود.

في القضية السورية تحديدا كان الموقف السعودي حازماً، والذي وضع نصب عينيه حقن دماء الأبرياء في سوريا، وذلك في تصريحات وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل في أكثر من موقف، ابتداء من سحب المراقبين السعوديين من فريق مراقبي الجامعة العربية، ورفض المملكة المشاركة في إعطاء ذريعة لنظام الأسد باستمرار القتل، وصولاً للتصريح المدوي: بوجوب تسليح المعارضة السورية، والذي تسبب -حسب مصادر في المجلس الإنتقالي-، إلى زيادة كبيرة في الانشقاقات في صفوف الجيش السوري، خلال الأسبوع الذي خرج فيه التصريح.

أخيرا، يبدو جليا استيعاب إيران لحزم السياسة السعودية، وهو ما دفع إيران لمحاولة الانتقام، عبر محاولة اغتيال الدبلوماسيين السعوديين في أكثر من بلد، ومحاولة إدراك ما يمكن إدراكه عبر الدعم اللامحدود للأسد، وما زيارة نائب الرئيس الإيراني للبنان، إلا محاولة للإبقاء على بعض النفوذ، لمعرفة الإيرانيين أن خسارة الأسد تعني خسارة السيطرة على سوريا ولبنان، وفقدان موطأ قدم في المتوسط.


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *