ليلة سقوط دمشق

وأنت تسمع خطاب مندوب سوريا اليوم في مجلس الأمن، بعد تصعيد مجلس الجامعة العربية قضية سوريا لمجلس الأمن بشأن إتخاذ قرار ضد نظام بشار وزمرته الدموي، لا بد أن تعتقد أن العالم جميعا وقبله العرب قد استئجروا عرافا ليفيدهم بما قاله مندوب سوريا أمام مجلس الأمن قبل أن يقوله، أو أنه أكد على غباء النظام وإستعصاء لغته على التطور.

فالخطاب الذي ألقاه مندوب سوريا أتى تماماً بذات اللغة البائدة، التي أحسن العرب قراءتها وخاصة الخليجيون، وما ذاك إلا لأن الأنظمة العسكرية القمعية عصية على التطور، بل وإن منحها لحريات أو لمتنفس ديمقراطي هو بمثابة هدم لأعمدة هذه الأنظمة.

فقد كانت الشعوب العربيه ترى في إرسال مراقبين من الجامعة العربية، ذريعة للنظام السوري بسفك مزيد من الدماء، ومع ذلك أقرت الجامعة العربية إرسال مراقبين، إدراكا منهم لعقلية النظام السوري والتي ستلوم العرب على تدويل القضية، رغما عن إمكانية الحل سوريا أو عربيا، تماماً كما صرح مندوب سوريا البائس.

كذلك كانت السخريه المتوقعة من الدول الخليجيه، وعدم وجود مظاهرات فيها، متوقعه من نظام لم يحظر المظاهرات فقط، ولكنه منع الفاكس لسنوات، حتى تتمكن المخابرات من فك شفرة جميع الإرساليات، بل إنها الدوله العربيه التي تجاوزت بالتباطؤ تقنية البيجر، ولم تسمح بالهاتف النقال إلا رخصه لرامي مخلوف إبن خال الرئيس إحتكارا لسنوات.

المندوب السوري حاول إعادة المتاجرة السورية بالقضية الفلسطينية كورقة توت أمام مجلس الأمن، حين علق المندوب السوري على “إشمئزاز سفيرة أمريكا لدى مجلس الأمن سوزان رايس، من إستخدام روسيا والصين لحق النقض بحق قرار ضد سوريا”، نسي أن الجميع يعرف أن أمريكا تكيل بمكيالين في الشأن الاسرائيلي ، ولكنه لا ينسى أيضاً أن نظام بشار ووالده تاجرا بالقضية الفلسطينية لأربع عقود، وجعلوا الجولان شبه أرض مؤجره لتل أبيب، لما ينطلق منها رصاصة واحدة، بل وأن النظام السوري وأنصاره كان يصفي  ويلاحق الفلسطينيين في المخيمات في لبنان لا سيما في ثمانينات القرن العشرين.

آخر الإشارات في خطاب المندوب السوري، والتي تشير أن النظام السوري فقد بوصلته، وأنه كسائر الأنظمة القمعيه يعطي الأولوية للغرب، ما أشار إليه المندوب من أنه يستحيل أن يقوم النظام السوري بعمليات قمع، عشية إنعقاد جلسة لمجلس الأمن، وهو ما يدل أن النظام السوري إما تشرذم إلى فرق جيش كل فيها يقمع بمفرده محاولة للنجاة، كإشارة لاقتراب الوصول لمرحلة ليبيا، حين تشرذم أبناء القذافي كل يقاتل بمفرده،  أو أن النظام السوري قد أحس بوجوب الإسراع في إجهاض الثورة بمضاعفة المجازر، تبعا ربما لضمانة الروسيين والصينيين لنظام الأسد بالفيتو.

الفيتو أو حق النقض اللذين استخدمتهما روسيا والصين لا يدلان بالضرورة على أن قرار مجلس الأمن أو/و التدخل الأجنبي هما أبعد الآن، بل يدلان على أن روسيا ثم الصين لم يتلقيا بعد صفقه مقنعه لبيع سوريا، وهو خوف من أن لا يكون لهما نصيب من ” ما بعد الأسد”، كما حصل لهما في ليبيا التي خرجا منها خاليا الوفاض.

زوال الأسد أصبح أمر حتمي، ببساطة لأن النظام لا يملك خطوات للتراجع لا سيما وتقارير تشير إلى أن نصف الأراضي السورية أصبحت خارج عن سيطرته، ولا الشعب المتظاهر والمعارضة أصبح بإمكانها التراجع، ونقول أعان الله السوريين على الأيام القادمة التي ستشهد سقوط النظام،ولكن للأسف بعد مزيد من الدماء التي لا يعرف مداها إلا الله.

الموقع الشخصي

5 فبراير 2012


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *