مر على الثورة في سوريا حوالي الستة أشهر، ثورة عرف عنها بأنها ثورة الشعب الغير مسلح، ضد أكثر الأنظمة العربية استبداداً وقمعاً بلا منازع، تتالت الجمع وزاد الوفيات وتزايد معها القمع. وقد قام النظام السوري بخطوات كثيرة لحفظ نظامه، إن بنفسه أو من خلال راعيه في طهران، أمثال تهديد الأقليات العلوية والمسيحية بأن البديل عن النظام سيفنيهم، محاولة إثارة القلاقل مع إسرائيل إن في الجولان، أو في سيناء بعناصر حليفه، كما فسره لنا رامي مخلوف سابقاً.
ولكن كان لهذه الثورة مراحل مفصليه، منها شهر أكتوبر الذي نعيشه، وهو شهر مفصلي من جانب أحداث ثلاثه، أرى أنها ستعطينا رؤية أوضح هل بدأت المؤشرات الحقيقية لسقوط النظام، أم أن القمع يبدو سينجح كما حدث في انتخابات الرئاسة في إيران. كان الجميع ينتظر أي خطوات عملية تجاه النظام السوري، بعد تصريحات العاهل السعودي، وما تلاه من تصريحات تركية ثم غربية، وكان المحللون يفسرون التلكأ بإتخاذ قرار تجاه سوريا، لأسباب على رأسها عدم وجود معارضة موحدة، وهذا ما حدث بداية هذا الشهر في اسطنبول، وسيزيد قوة بزيادة المعترفين به، وقد بدأ وليد المعلم متوتراً قبل أن يعترف به أحد.
العامل الثاني الذي يدعو للتفائل، اقترابنا من مرحلة بنغازي إذا صح التشبيه، وذلك من حيث وجود انشقاقات عملية في الجيش، والذي أدى بالنتيجة إلى السيطرة على مدينة الرستن ١٨٠ك شمال دمشق، صحيح أن الجيش استعادها في الأول من أكتوبر، ولكنه لم يستطع دخول الرستن إلا بعد أن دك أكثر من عشرين مبنى بالطائرات، مما يعني ان قرار لحظر الطيران برعاية الناتو وتركيا، سيخرج المناطق ذات التضاريس الجبلية الصعبة من يد النظام.
العامل الثالث هو ما حدث غداة الفيتو الروسي الصيني، من إغتيال القيادي الكردي مشعل تمو في القامشلي شمال شرق سوريا، وهو الناطق الرسمي باسم “تيار المستقبل الكردي”، فالسوريين فهموا القرار بالضوء الأخضر لتصفية قيادات المعارضه، تماماً بنفس الغباء الذي فهم به القذافي أن لديه فرصة ساعات قبل فرض حظر الطيران عليه، وفي رأيي أن إستهداف الأكراد، كان لافزاع تركيا أيضاً، التي يقلقها وجود حكمين مستقلين للأكراد في خاصرتها، شمال العراق وسوريا. ولكن الايجابي في الرعونه السوريه، إهمال ان الأكراد من أكثر الإثنيات عدداً والتحالماً في المهجر، لا سيما في أوروبا، مما أدى لموجه من المظاهرات الكردية في عواصم أوروبية عدة، أدى لاحتلال السفارة السورية في عدة دول كالنمسا وبريطانيا،علماً بأن أكراداً في دول أخرى كألمانيا لم يتحركوا بعد، في مشهد مقلق للأوروبين، يذكرنا بتسليم أوجلان لتركيا، الشي الأخر أن استهداف الأكراد قد يؤدي لإشعال حلب، أحد أكبر المدن الهادئة في سوريا ومن أقلها مظاهرات.
وجود معارضة موحدة،وانشقاقات مؤثرة في الجيش أدت للسيطرة على مدن للمرة الأولى، كذلك اللعب بجمرة تصفية قيادات المعارضه، عوامل تشير إلى تقدم واقعي لمدى امكانية سقوط النظام. وللمتفائلين بالفيتو الروسي الصيني وأنه ضمانه لسوريا، أقول لا تتفائلوا كثيراً، فروسيا كل ما يعنيها أن لا تخرج من مولد سوريا بلا حمص، كما حدث في ليبيا وقبل ذلك في العراق، وقد دل على ذلك تصريح ميخائيل مارغيلوف، رئيس لجنة الشئون الدولية في مجلس الفيدرالية (الشيوخ) : إن استعمال روسيا حق النقض”الفيتو” ضد مشروع قرار مجلس الأمن كان الإنذار الأخير للسلطات السورية، مشدداً على أنه من المهم عدم فهم الفيتو الروسي على أنه تبرئة لنظام الأسد.
الموقع الشخصي
14 أكتوبر 2011
اترك تعليقاً