يبدو حساب الربح والخسارة في الرياضة أمرا واضحا لا لبس فيه، ففي كثير من الرياضات يعتبر الفريق أو اللاعب فائزا إذا سجل عددا أكبر من الأهداف والنقاط مقارنة بخصمه، هذا لا يعني بطبيعة الحال الرضى بالنتيجة أو القبول بقرارات الحكم.
وفي الاقتصاد، تكون حسابات الربح والخسارة أكثر وضوحاً وأقل جدلا، حيث يتحقق صافي الربح إذا كانت المصروفات أقل من الإيرادات، أي أن مبالغ الدائن أكبر من مبالغ المدين، وبالعكس يتحقق صافي الخسارة إذا كانت المصروفات أكثر من الإيرادات.
لكن ما هو معيار الربح والخسارة في السياسة، وما هي معاني الربح التي تدخل في الدعاية السياسية، والتي تستلزم بالضرورة تفصيل ربح على قياسها وخسارة على قياس خصومها.
فقناة الميادين الإيرانية الناطقة بالعربية على سبيل المثال، ذكرت في تغريدة على تويتر خلال الأيام الماضية، أن دول الخليج تراهن على بقاء نتنياهو في رئاسة الوزراء للحفاظ على مصالحها، وأعلم أن هذه الدعاية ستجد من يصدقها.
هذه الرسالة في سذاجتها تعبر عن نتيجة محسومة، وهي خسارة رئيس الوزراء لمنصبه، كمن يتوقع نتيجة المباراة في الدقيقة الأخيرة، ولأن أغلب الناس لا تتعنى قراءة التفاصيل، فلن تذهب لقراءة المادة كاملة، ولن تتساءل لماذا وجود رؤساء وزراء آخرين هو أمر سيئ لدول مثل البحرين والإمارات وقطر، التي طورت علاقات في مختلف المجالات مع إسرائيل.
ومن جانب آخر، هل يعني وجود أي رئيس وزراء آخر خبرا جيدا في طهران، وهذا يقودنا للتساؤل الأكبر، هل هناك رئيس أمريكي يمثل مكسبا لإيران أو آخر يمثل خسارة لها، أم أن موقع الرئاسة الأمريكية سيستخدم كمعيار خسارة وربح للسعودية فقط.
ومجددا لا يقفز سؤال بسيط للأذهان، أليس الرئيس الأمريكي يدلف إلى البيت الأبيض لتحقيق مصالح الشعب الأمريكي أولا، والتصدي للتحديات التي يمثلها النظام الصيني والروسي على أمريكا كقطب أوحد للعالم، قبل أن يفكر بالشرق الأوسط.
وفي منطقتنا هناك مثال فاقع على تفصيل ثوب للربح بشكل لا يمت للربح بصلة، وهو ما أسماه بوق إيران في لبنان حسن نصرالله بالنصر الإلهي في 2006، وهي تسمية تعتمد بشكل رئيسي على الذاكرة القصيرة للجمهور.
حيث كان أمين حزب الله يعبر خلال الحرب على ذهوله من ردة الفعل الإسرائيلية، ورجاءه لرئيس الوزراء فؤاد السنيورة للتوسط عند الغرب لإيقاف الحرب، بالإضافة لما عرفناه لاحقا من جهود لقاسم سليماني لإخفاء نصر الله في أماكن متعددة خلال الحرب، ثم يخرج الأمين العام ليسمي مقتل 1200 لبناني وتدمير البنية التحتية بالنصر الإلهي.
إن تعزيز فكرة الانتصار والهزيمة في الدعاية السياسية، تأتي إذا كان الواقع على الأرض لا يعبر عن نصر حقيقي، فمثلا واشنطن انتصرت ضمن التحالف الذي حرر الكويت، لكن لا يمكن الجزم بنتيجة حربها في العراق 2003، فعدا عن إسقاط صدام يبدو أنها خسرت أكثر من ما ربحت حتى اليوم.
كذلك إيران في سوريا وفي عدة تحديات، أبرزها الصبر أمام حرب العقوبات الاقتصادية الأمريكية، هل هي منتصرة، بالطبع لا، حتى لو ظلت تكرر ذلك، فشعبها يعلم جيداً أنه سيطعم أطفاله الخبز لا الصواريخ.
صحيفة عكاظ
https://www.okaz.com.sa/articles/authors/2060581
الاثنين 8 مارس 2021
اترك تعليقاً