يخطو الخليجيون ومصر خطوة شجاعة اليوم بتجاوز خلاف كبير ومعمق بين دول الرباعية وقطر، الخلاف كان كبيرا ومعقدا، وكان المحيط العربي لديه ما يكفيه من الأزمات، من العراق لسوريا واليمن وصولا للبنان، مع مساعٍ حثيثة إيرانية لتفريس المنطقة العربية، واستعادة مجد إمبراطوري غابر.
في القمة الخليجية التي استضافتها العلا “مهد الحضارات”، كان لافتا في كلمة أمين عام مجلس التعاون الخليجي د. نايف الحجرف، “سياسة خارجية موحدة”، وهي نقطة مفصلية تختصر العديد من التباينات، وقد لا يكون هناك تطابق كامل في الرؤى، لكن بوصلة المخاطر المشتركة لابد أن تكون واضحة.
فبرنامج السلاح النووي الإيراني وبرنامج تطوير الصواريخ الباليستية الإيرانية، واللذان أشار لهما سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في كلمته، هما تهديد لأمن المنطقة العربية بالكامل، ولا يجب أن تكون درجات تقدير الخطر ملهية عن ماهية الخطر، لأن هذا في حده نجاح للاستراتيجية الإيرانية.
وحتى إيران لا يوجد لدى حكام الخليج أو شعوبها أي ضغينة تجاه الشعب الإيراني، ولم تطلب أكثر من كف أذى إيران عن الشعوب العربية، واحترام سيادة الدول، ويجب أن تكون الكلمة الموحدة اليوم لدول مجلس التعاون، بالإضافة لمصر وعدد من الدول العربية، دافعة نحو الضغط للجلوس على أي طاولة مفاوضات تؤدي لاتفاق جديد مع إيران.
لدى دول الخليج إمكانات عدة، تحدث عنها سمو ولي العهد في مبادرة المستقبل، حين ذكر كيف كانت دبي نموذجا ملهما في الخليج، على عدة نواحٍ وعلى رأسها المداخيل غير النفطية، وتحدث عن اقتصاديات الخليج عامة، وأثنى على الاقتصاد القطري رغم المقاطعة حينها، وبالفعل التكامل بين اقتصاديات دول الخليج يحمل فرصا كبيرة.
حيث إن دول الخليج لديها اقتصاديات كبيرة، وتملك موقعا جغرافيا مميزا، بالإضافة لأهم ميزة وهي رأس المال البشري والذي لديه نسب تعليم مرتفعة، وكثير منهم نهل من أهم الجامعات العالمية، وبالتالي فإتمام خطوات الربط الجمركي التي بدأت في 2003، وإتمام شبكة سكك حديدية ونقل الكهرباء، سيسهم في الحفاظ على نسب نمو تفوق 3%، وهو ما قد يعني وصولها مجتمعة للاقتصاد السادس عالميا، وهو ما يقارب الاقتصاد الياباني اليوم.
وحدة المخاطر وفرص الاقتصاد، وقبلها صدماته التي تلقاها جراء الجائحة في 2020، بالإضافة للمخاطر الأمنية المشتركة، خلقت فرصة كبيرة لبيان العلا، الذي لم يكن له أن يرى النور لولا شجاعة القادة الخليجيين وفخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي، وإدراك الجميع للمرحلة الحرجة التي تمر بها المنطقة.
يوم الخامس من يناير سيُخلد في وجدان شعوب الخليج، كما سيخلد اسم العلا وبيان العلا، كما خُلد اسم الطائف كعنوان لاستقرار لبنان، وتكرر ذلك في مشاورات جدة واتفاق الرياض ووثيقة مكة، وكل مدينة في المملكة شاهدة على مسيرة راسخة منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز، لحفظ سلامة واستقرار العالم العربي، باعتبارها الدولة الجامعة والتي تملك الأدوات السياسية والدبلوماسية التي تسمح لها بإنجاز الاتفاقات الصعبة.
يعتقد علماء الآثار أن الخط العربي تشكل في العلا، والتي شهدت تطور الخط النبطي إلى الخط العربي، ولربما يحق لنا الطموح أن تمثل قمة العلا فرصة لتفعيل رؤية الملك سلمان لمجلس التعاون في الدورة الـ36، والسعي إلى تكامل جهود المجلس.
موقع العربية
https://www.alarabiya.net/politics/2021/01/06/%D8%A7%D9%86-%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D8%A7-%D9%84%D8%A8%D9%8A%D8%A7%D9%86%D8%A7%D9%8B
6 يناير 2021
اترك تعليقاً