بدأت ردات الفعل والرسائل تخرج من عدة أطراف في منطقة الشرق الأوسط، التي تعتبر إعلان نوايا مقدماً لإدارة بايدن، والتي من الخطأ اختصارها بكونها نسخة من إدارة أوباما، فهناك قناعات عبر عنها كثير خلال عقود من العمل السياسي، منها ما هو ثابت ومنها ما هو متغير، بالإضافة لتغير المعطيات على الأرض.
لكن الواقع الأمريكي بعد كوفيد-19 وهذ الانقسام العمودي الحاد في المجتمع، فليس قليلا على أن يحصد الرئيس الخاسر أكثر من 72 مليون صوت، يوحي بأن البيت الأبيض سيحتاج الكثير من الوقت قبل أن يجعل الملفات الخارجية أولوية، آخذين في الاعتبار العطب الاقتصادي الذي أصاب واشنطن جراء الجائحة، والذي التهم جميع الأرقام الاقتصادية وخفض البطالة التي حققها ترمب.

وإذا أخذنا في الاعتبار رؤية بايدن تجاه الحلفاء، فسنجد أن تطوير العلاقة مع كوريا الجنوبية واليابان وأستراليا تتخذ أهمية كبرى للحد من النفوذ الصيني، كما أن إصلاح الشرخ الذي أصاب العلاقة مع الشركاء الأوروبيين مهم أيضا لصنع توازن مع موسكو.

على مستوى الأمن الإستراتيجي الأمريكي، يعتبر إصلاح العلاقة مع الناتو، وإصلاح العلاقات البينية داخل الناتو تحديا مهما، تقع تركيا في مركز هذا التحدي، فهي من جهة في حالة صدام مع الأوروبيين في ليبيا، وتحديدا مع فرنسا واليونان وقبرص، كما أنها في علاقة غير طبيعية مع روسيا في سوريا، علاقة لا تتناسب مع جينات جيشها ولا لكونها الجيش الثاني في الناتو.

في فترة الرئيس أوباما تحقق «حلم روسي» راود أحد أعظم القياصرة الروس في التاريخ، وهي «كاترين الثانية» الملقبة بـ«كاترين العظيمة» والتي شهدت الإمبراطورية الروسية في عهدها أكبر توسع لها، هذا الحلم هو الوصول إلى المياه الدافئة على البحر المتوسط.

وفيما لم يوات الأجل «كاترين العظيمة» في تحقيق هذا «الحلم الروسي»، علماً أنها كانت أول من سيطر على جزيرة القرم بعد حرب طويلة مع الدولة العثمانية آنذاك، نجح «بوتين» في السيطرة على جزيرة القرم من أوكرانيا عام 2014، ومن ثم تحقيق بقاء دائم في قاعدتي طرطوس وحميميم.

ويعتبر هذا التحدي العسكري الكبير في الشرق الأوسط، والذي يؤثر على فكرة رومانسية مغادرة المنطقة من أجل الشرق الأقصى، ونشهد مزيدا من الخطط للتمدد الروسي، كما يبدو أن وجود قاعدة عسكرية روسية في ليبيا هدف إستراتيجي مهم، تطوق به موسكو خاصرة أوروبا، بالإضافة لخبر إقامة روسيا لقاعدة في السودان على البحر الأحمر.

خرجت رسائل الإيحاء بالقوة من إيران، لتحسين شروط التفاوض، وخرجت رسائل الغرام من إسرائيل، حيث وصف نتنياهو بايدن بالصديق العظيم لإسرائيل، ولنائبته كامالا هاريس المتزوجة من يهودي، وخرجت رسائل السعودية واضحة حول الدور الإيراني في زعزعة استقرار المنطقة، لتشير لوجود خطوط حمراء لا يمكن التفاوض حولها، بينما خرجت رسائل أردوغان في العاشر من نوفمبر لتشكر ترمب على تطوير الصداقة التاريخية بين البلدين.

سأترك الحديث عن رسائل دول الشرق الأوسط لواشنطن لمقال آخر، لكن بالتأكيد هناك رسائل «من» الشرق الأوسط وصلت لواشنطن منذ 2011 وحتى اليوم، عن آثار الفراغ في المنطقة، فكيف سيقرأها ساكن البيت الأبيض بعد أعلى انتخابات على مستوى التصويت بالبريد.

صحيفة عكاظ
https://www.okaz.com.sa/articles/authors/2048355
الاثنين 16 نوفمبر 2020


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *