كم كان طرحاً ساذجاً ورومانسياً في أقل توصيف، ذلك الطرح الذي تحدث عن «اللحمة الخليجية»، بعد قرار دول الرباعية مقاطعة قطر، وإغلاق الحدود البرية والجوية معها، وطردها من التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن.
لم تتوقف الصدمات والفضائح التي تحكي دور قطر العبثي في المنطقة العربية، كانت المفاجآت المعلنة بدأت قبل المقاطعة مع تسريب حوارات القذافي مع الأمير السابق ووزير خارجيته، وصولاً إلى ما أعلن قبل أيام من تمويل قطر للحوثيين من أجل استهداف المملكة.
حيث أشارت صحيفة «داي بريس» النمساوية الناطقة بالألمانية، بحسب ضابط مخابرات سابق، قوله إن الدوحة دأبت على تمويل ميليشيات الحوثي خلال السنوات القليلة الماضية «بشكل مباشر» بهدف مهاجمة السعودية.
هذا لا يعني أن الدوحة تقف عند مماحكات إعلامية، أو تمول المشاريع غير العربية في المنطقة، للحد من الدور العربي الذي تقوده السعودية ومصر وباقي دول الاعتدال فقط، بل يعني أنها تستهدف الشعب السعودي والمقيمين على أرضه بالقتل.
الحالة القطرية أبعد من خلاف الإخوة، فهي ذهنية كاملة لنظام انقلابي، عندما شكل عقيدته في التسعينات، بعد أن انقلب الشيخ حمد على والده، جعل السعودية العدو الأول، وتحرك منذ ذلك الحين على هذا الأساس.
وبالتالي أصبحت الخزنة القطرية مفتوحة لكل من يعمل في هذا المجال، من تمويل المعارضة السعودية في لندن، مروراً بحملات إعلامية لإخراج القوات الأمريكية من السعودية، ثم فتح الباب لها في الدوحة، مروراً بالتمويل المستمر لمشاريع الإخوان المسلمين، وللحوثيين وحزب الله اللبناني.
ولهذا نفهم عدم التزام الشيخ تميم باتفاق الرياض 2013 والاتفاق المكمل في 2014، لأن الالتزام بالاتفاق يخالف طبيعة النظام وذهنيته، فتوقف قطر بالعقلية الحاكمة الآن عن دعم الإرهاب، مثل الاعتقاد أن العجلة تستطيع السير على الماء.
وعندما نجعل مرتكز تحليلنا لتصرفات قطر هو عقيدة العداء للمملكة، يفسر ذلك حتى الاستثمارات القطرية، فحتى الاقتصاد في دول معينة وفي شركات معينة، مبعثه البحث عن دور سياسي ونفوذ داعم للتوجهات القطرية، بغض النظر عن الجدوى الاقتصادية.
وبالتالي فالعلاقة بين الحوثي وقطر ليست وليدة اليوم، بل تعود إلى بداية الألفية، حيث فتحت قنوات تواصل معهم، كما تفعل مع سائر الأذرع الإيرانية، كحزب الله والحشد الشعبي، بالإضافة لنظام بشار الأسد، كما قامت بمنح الجنسية القطرية لبعض عناصر الميليشيا، حتى يتمكنوا من التحرك بسهولة في الخليج.
ولا يقف هذا الدعم عند حد، فحتى جهود تفريس الشعب اليمني ثقافياً ساهمت فيها، حين طرحت قطر الخيرية – مكتب اليمن- مناقصة في العام الماضي، لطباعة الطبعة الجديدة من الكتاب المدرسي، بعد التغييرات ذات البعد الطائفي، التي أجرتها ميليشيات الحوثي، ليدرس في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون.
وطالما بقي الحوثيون وغيرهم يحملون العداء للمملكة سيبقى التمويل والدعم القطري موجوداً، ولكن تكون أخبار من شاكلة تمويل قطر لاستهداف المملكة مفاجئة، وإنما هي أوراق توت جديدة تسقط عن خبث النظام القطري.
صحيفة عكاظ
https://www.okaz.com.sa/articles/authors/2040084
الاثنين 6 سبتمبر 2020
اترك تعليقاً