يعد النفط ميزة نوعية لدول الخليج وتحديداً المملكة، ولهذا للمملكة ريادة في أوبك وفي سوق العرض والطلب العالمي، وربما ما حصل في مارس الماضي من محاولة تجربة حلم السعودية، كان له رد فعل السعودية الذي هز الأسواق حتى عاد الكثيرون لرشدهم، وأدركوا قاعدة المملكة؛ وهي الحفاظ على سوق متوازن لا شح للصادرات فيه ولا إغراق، بالشكل الذي يحمي مصالح المنتجين والمستوردين معا.
ورغم أهمية النفط إلا أن السعودية خطت لنفسها رؤية تسمح لها بتنويع مداخيلها، خاصة أن لديها العديد من المناطق التي لم تستغل سياحياً، والتي من المؤكد أنها ستكون مناطق جذب للعديد من السياح، ولعل التجربة القصيرة في العام الماضي مع التأشيرات السياحية أكبر دليل على أن السياحة ستكون رافداً اقتصادياً كبيراً للمملكة.
السعودية كدولة مترامية الأطراف لديها تنوع كبير في الجغرافيا والتاريخ، فمزارع الأحساء وعيونها تختلف عن جبال الطائف، أو عن سواحل البحر الأحمر المثالية للغوص، تاريخ العلا من الأنباط وباقي الممالك التي سكنت هذه المنطقة شمال المدينة المنورة، تختلف عن ثقافات عاشت في تيماء أو دومة الجندل.
كما أن السعودية رغم شح المياه تملك تنوعاً زراعياً مبهراً، من المانجا في جازان، مروراً بالبطاطس في حائل، والتين والرمان والعنب في الطائف، إلى زهور تبوك، وبالطبع تمور القصيم والمدينة والأحساء.
ويأتي السؤال هنا، هل يجب أن يدرس جميع طلبة المملكة المناهج ذاتها، كيف يجب أن يتكيف التعليم مع رؤية المملكة 2030 ومع متطلبات سوق العمل الناتجة عن مستهدفات الرؤية، والمجالات التي تستهدفها لتنويع مصادر الدخل.
أليس من المناسب إضافة مقرر إلى مناهج الطلبة، يرتبط بمنطقتهم وتاريخها، يحكي حضارتها وتاريخها وتميزها الزراعي أو الصناعي، يعلم الطلبة كيف يساعدون آباءهم لتطوير منتجاتهم الزراعية، بالتغليف والتسويق بشكل يصل بمنتجاتهم الزراعية إلى أسواق عالمية، عوضا عن ضياعها بين مافيات الأسواق الإقليمية، بحيث تصدر لاحقا دون حتى أن تحمل اسم المملكة.
إذا كنت من أبناء منطقة ذات تاريخ يمتد لمئات السنين ووجدت مدرساً يحكي لك قصة الأرض التي ولدت عليها بكل شغف، أليس هذا ما سيخلق منك باحثاً تاريخياً أو مرشداً سياحياً، يحكي لزوار المنطقة بكل حب عن عراقة هذه المنطقة، يقول لهم إن لديها تاريخاً عريقاً نفخر به، ولسنا طارئين على التاريخ كما يروج بعض الخصوم.
إن التعليم هو أساس رقي أي مجتمع، والاستثمار الحقيقي للدول في التعليم، ومتى ما تحققت المعرفة لدى أي مجتمع فيمكنه تحقيق المعجزات، ولأننا في لحظة فارقة نسعى من خلالها لتنويع اقتصادنا والانفتاح على العالم، فالتعليم النوعي يمتلك اليوم أهمية كبرى، ويسهم في توطين الوظائف والحد من الهجرة للمدن الكبرى.
صحيفة عكاظ
https://www.okaz.com.sa/articles/authors/2030612
الاثنين 29 يونيو 2020
اترك تعليقاً