كل شيء يحدث في إيران أو لإيران ارتباط بالمؤامرة، لا بد أن من يقف خلفه الولايات المتحدة أو السعودية، أي ضرر يصيب إيران لا بد أن يكون ناجماً عن محاولات لإيقاف مسار الثورة المجيدة، وتصديرها للعالم، وإن كان في جزء منه خلل عقائدي، لأنه يعني وجود قدرات بشرية قادرة على تعطيل إرادة إلهية لممثل الولي الفقيه.
ومن الناحية المنطقية هناك ثنائية ضعف وقوة الخصوم بشكل متناقض، فأمريكا واهنة ولا تستطيع الرد على ضربات إيرن على أهداف نفطية أو ضرب محيط السفارة في المنطقة الخضراء ببغداد، لكن لديها من الجبروت والظلم ما يمكنها من خنق إيران اقتصادياً وإجبار العالم بما فيه حلفاء إيران، على الانصياع لأوامرها.
وحتى على المستوى العسكري فإنها استطاعت اصطياد قاسم سليماني، بما له من قيمة في النظام الإيراني، والذي تمثل خسارته من الضخامة بمقدار خسارة حزب الله لعماد مغنية في دمشق 2008، وكانت الأصابع وجهت حينها المسؤولية لإسرائيل، وكانت عادة تنكر ذلك قبل الثورة، ولكنها لا تحتاج هذا الترف اليوم وهي توجه أكثر من مئة ضربة جوية لأهداف تابعه لإيران وحزب الله داخل سوريا.
وأيضا لك أن تسمع في الإعلام الإيراني مئات التحاليل عن ضعف ووهن الداخل الإسرائيلي، ولكن لا أحد يخبرك لماذا لم تنتقم إيران لاستهداف قياداتها ومخازن أسلحتها في سوريا، من هذا العدو الواهن المسمى إسرائيل، ولماذا لم ترد استخباراتياً على الاختراق الذي أخرج فيه نتنياهو خمسين ألف وثيقة عن البرنامج النووي الإيراني.
واليوم تعاملت إيران بنفس اللامنطق الذي يشكل خطابها الدعائي، مع فايروس كورونا، فهذا مرض جرثومي لم يكن نتاجاً بشرياً، بل هو نتاج معامل قامت بها الولايات المتحدة للإضرار بالصين وإيران، ويستمر اللامنطق في الفشل على الإجابة على وصول الفايروس للولايات المتحدة ووقوع وفيات بالفعل، وتكبد أسواق الأسهم الأمريكية خسائر جمة، هذا اللامنطق يفشل أكثر في تفسير إعادة الصين لرعاياها المتواجدين في إيران.
إيران رفضت عزل مدينة قم، المدينة الدينية الثانية بعد مشهد، كما حصل مع الصين حين عزلت ووهان، وبالتالي نجحت في السيطرة على انتشار الفايروس، وتوقفت الأرقام عن الزيادة فيها، بينما استمرت المشكلة طويلاً حتى أقر الرئيس روحاني بانتشار الفايروس في جميع محافظات إيران، مما يؤكد صوابية عزل قم.
نحن في الخليج أصبحت إيران هي المصدر الأول لهذا الوباء للمواطنين الذي قاموا بزيارات دينية لقم، والسعوديون منهم وإن كانوا خالفوا قوانين المملكة، وغطت إيران ذلك بعدم الختم على جوازاتهم، إلاّ أن المملكة تعاملت بمسؤولية كبيرة وتجاوزت الخلاف السياسي مع إيران، وقدمت عفواً للمواطنين الذي يفصحون عن وجودهم هناك، ليسهل ذلك من علاجهم، وعزلهم حتى يتم علاجهم أو تأكد خلوهم من المرض، حتى لا ينتشر مع حالات أخرى كما حدث من بعض الواصلين الذين لم يفصحوا عن ذهابهم لإيران.
إذن كورونا بالنسبة لإيران، هو الفايروس الأكبر الذي صدّره الشيطان الأكبر للنيل من الثورة الإسلامية، ولكن حقيقة الأمر أن التصدي لكورونا لا يحتاج صرخات، بل يحتاج كمامة وأن تغسل يديك جيداً خاصة من الأوهام.
صحيفة عكاظ
https://www.okaz.com.sa/articles/authors/2014154
الاثنين 9 مارس 2020
اترك تعليقاً