حازت حكومة حسان دياب على ثقة البرلمان بثلاثة وستين صوتا، بات كثير مِن مَن صوتوا لها ليلتهم في البرلمان لأن ثورة الشارع عزمت على قطع الطرقات نحو البرلمان، كانت الحكومات منذ إسقاط حكومة الحريري في 2011، والإتيان بحكومة نجيب ميقاتي حكومات تميل كفتها نحو حزب الله، وقبل ذلك بتحقيق الثلث المعطل عبر اتفاق الدوحة.

لكنها تدرجت حتى أصبحت حكومات حزب الله صرفة، منذ تولي ميشيل عون رئاسة الجمهورية، فقد كان مسارا لابتلاع الدولة من قبل الدويلة، بدأ بمقدمات دموية عبر اغتيال صحفيين وسياسيين وعلى رأسهم رفيق الحريري في 2005، وتلاه بحرب تموز (يوليو) 2006، ثم أحداث 7 آيار (مايو) التي أطلقها حزب الله ضد مناطق السنة في بيروت والدروز في الجبل، وذلك انتقام من قرار حكومة السنيورة اعتبار شبكة اتصالات حزب الله الهاتفية غير شرعية، وتشكل اعتداء على سيادة الدولة.

والقرار الآخر كان إقالة قائد جهاز أمن مطار بيروت الدولي العميد «وفيق شقير» المقرب من حزب الله، وذلك بعد اتهامات وجهها وليد جنبلاط له، حول وضع كاميرات خاصة في المطار، واستخدام مطار رفيق الحريري لإدخال أسلحة عبر طائرات مدنية إيرانية، فكان الرد العسكري لحزب الله بوضوح، السلاح فوق الدولة، والمقاومة لكل من يتصدى للمشروع الإيراني في لبنان، أما مقاومة إسرائيل فأيضا حسب ما يتوافق مع المصلحة الإيرانية.

حزب الله كان يعرف جيدا منذ استلم لبنان من النظام السوري عقب خروج القوات السورية منه ما هي مساحة تحرك السلاح في الداخل، لكن عرف أيضا أنه سياسيا يحتاج لغطاء سياسي مسيحي، مثله التيار الوطني الحر بامتياز، عبر ورقة تفاهم مار مخايل، واستفاد الحزب من الطموح الأزلي لميشيل عون بالوصول للقصر الرئاسي ببعبدا، والطموح ذي الجهد الكهربائي العالي من صهره جبران باسيل، وكما يقال في الفيزياء (فإذا كان الجهد متناسبا مع «التيار» تكون «المقاومة» هي ثابت التناسب).

اليوم لا تعتبر حكومة حسان دياب حكومة حزب الله، بل هي حكومة إيرانية صرفة، رسالتها الرئيسية موجهة لأمريكا بالقول إننا ما زلنا نمسك بورقة لبنان كل لبنان، وهي من إجراءات التموضع الإيراني بعد فشل عزل الرئيس ترمب، يضاف إليها تكليف مقتدى الصدر لتطويع الثورة في العراق، والسعي لمنح الثقة البرلمانية لحكومة محمد توفيق علاوي، والاستمرار في تصدير الصواريخ الإيرانية للحوثيين، وهو ما أشار إليه مايك بومبيو في تغريدة له «البحرية الأمريكية اعترضت 385 صاروخا إيراني الصنع ومكونات أسلحة أخرى في طريقها إلى الحوثيين باليمن».

منذ انطلاق ثورة الشعب اللبناني على حزب الله وعلى عهده وعلى الطائفية أكتوبر الماضي، وحزب الله في قلق لأنها معركة جديدة لم يكن مستعدا لها، ولا يملك الذخيرة المناسبة للتصدي لها، فلا إيران لديها من المال ما يمكنها للتفريج عن الحزب وحاضنته ناهيك عن باقي لبنان، ولا الصواريخ تصلح للتصدي للمتظاهرين العُزل، كما أنها لا تصلح للتصدي لإسرائيل اليوم، حيث الداخل اللبناني لن يكون حاضنا للحزب كما كان في 2006، كما أن المصلحة الإيرانية في حصر ميادين المواجهة مع واشنطن في العراق واليمن..

ويبقى مصير حكومة دياب الذهاب.. وربما قبل نهاية العام.

صحيفة عكاظ
https://www.okaz.com.sa/articles/authors/2010768
17 فبراير 2020


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *