لم يعد أمامنا خيار، في ضوء تصرفات إيران، إلا تسجيل مخاوفنا اليوم من أن إيران لا تفي بالتزاماتها بموجب خطة العمل الشاملة المشتركة «الاتفاق النووي»، وإحالة هذا الأمر إلى اللجنة المشتركة بموجب آلية فض النزاع المنصوص عليها في الفقرة رقم 36 من خطة العمل الشاملة المشتركة.
كان هذا بيان كل من فرنسا وبريطانيا وألمانيا يوم الثلاثاء الماضي، والذي تقدمت به الدول الثلاث إلى الاتحاد الأوروبي، وذلك بعد أن أقدمت طهران على انتهاكات جديدة للاتفاق النووي المبرم عام 2015، وإن كانت الدول الثلاث أرادت أن تعبر لطهران عن غضبها من خروقاتها المستمرة للالتزام النووي، لكنها أرادت التأكيد على أنها لم تنضم لحملة العقوبات القصوى الأمريكية بعد.
متغير بحجم إسقاط الطائرة الأوكرانية المدنية والمنطلقة من مطار الخميني، وحالات تضارب التصريحات الإيرانية من إنكار، ثم إقرار وتبرير بدعوى اللبس بين الطائرة وصواريخ تستهدف إيران، وبعد ثلاثة أيام من الحادثة، يجعل إيران في موقف غير المؤهل لاستخدام منظومته البالستية أو منظومة الدفاع الجوي.
هذا بالأخذ بالخطأ العسكري المجرد، دون أن يضاف إليه حالة الهلع والصدمة من اغتيال قاسم سليماني بعملية غاية في الدقة ببغداد، خاصة وأن إسقاط الطائرة الأوكرانية تزامن مع ضرب إيران للقواعد الأمريكية في العراق، كانتقام صوري من تصفية سليماني.
وقد بينت هذه الحادثة تباين التقدير لكارثة إسقاط الطائرة الأوكرانية بين أطراف في النظام، وآثارها الدولية على إيران، ففي بيان عسكري إيراني ذكر: أن الطائرة سقطت جراء «خطأ بشري» بعد تحليقها بالقرب من «موقع حساس» تابع للحرس الثوري الإيراني.
ولا ندري ما المثير للسخرية أكثر هل وجود الطائرة على ارتفاع 8000 قدم، وأي خطر ستمثله على هذا الموقع الحساس أكثر من التحطم فوقه، أم أن الطائرات المدنية لا تسير إلا بمسارات معروفة وبتنسيق مستمر مع الأبراج على طول الرحلة، ولا تختار مساراتها في السماء اعتباطا.
هذا الاستخفاف تماهى معه المرشد، حيث أمر الجيش بالتحقيق «في أي أخطاء أو أوجه قصور محتملة» قادت إلى حادث التحطم، بينما الرئيس روحاني وصفه بأنه «خطأ لا يغتفر»، وهذا ربما يفسر مشهد مغادرته مباشرة بعد أداء الصلاة خلف المرشد.
إيران بطبيعتها لن تسلم الصندوقين الأسودين، وستسعى لجلب تقنية لفك شفرتهما، والأسهل عليها الدخول في لجنة تحقيق مشتركة تكسبها بعض الوقت، أو حتى يمل الآخرون كما في مفاوضات أخرى.
بقي السؤال عن الركاب، وهل أسقطت الطائرة بسبب أشخاص عليها، ربما يقدر على فك هذا اللغز الجهات المعنية في أوكرانيا، خاصة وأن وزير الخارجية الأوكراني، فاديم بلاتيكو، ذكر أن 82 من الركاب كانوا إيرانيين.. ودائما ما تخشى الأنظمة الفاشية من أن يُسرع هروب الرفاق من تهدم المعبد.
صحيفة عكاظ
https://www.okaz.com.sa/articles/authors/2006269
الاثنين 20 يناير 2020
اترك تعليقاً