الأكسجين بالنسبة للنظام الإيراني هو العدو الخارجي، بدون عدو خارجي سيناقش المواطن الإيراني التنمية والانفتاح والبنية التحتية وفساد الحرس الثوري، وكل هذه الملفات لا يمكن تغطيتها إلا ببطانية المؤامرة، ودعاية استهداف الثورة وبالتالي سعي الأعداء لتعطيل خروج المهدي.
الوضع في إيران لا يتناسب مع مقدرات هذا البلد وإرثه الثقافي العريق، فإيران هي رابع دولة في العالم على مستوى الاحتياطي النفطي باحتياطي نفط مؤكد يتجاوز 157 مليار برميل، بينما إيران في المركز الثاني عالميا على احتياطات الغاز الطبيعي المؤكد بما يتجاوز 33 تريليون متر مكعب.
بينما اضطرت الحكومة تبعا للعقوبات الأمريكية القاسية، إلى رفع أسعار البنزين في منتصف نوفمبر، مما أدى إلى اندلاع تظاهرات في أنحاء البلاد قبل أن تقوم قوات الأمن بقمعها وسط حظر شبكة الإنترنت، وحرمان أكثر من أربعين مليون مواطن من التواصل، خشية من تنظيم مزيد من الاحتجاجات.
وانتهجت الحكومة الإيرانية قرار القتل بالرصاص الحي بتوجيهات من المرشد الأعلى، الذي يقتنع بترابط الاحتجاجات مع الوضع الاقتصادي الناتج من المظاهرات، وبالتالي فخروج الشباب للطرقات هو هدف أمريكي، وعليه يعتبر التلكؤ في قتل الشعب الإيراني خدمة لأجندة ترمب ودول الخليج العربي.
وبعد زيادة سعر المحروقات ثلاثة أضعاف، أعلن روحاني بداية ديسمبر الجاري ميزانية 2020، والتي أكد فيها على تقليل الاعتمادية على النفط، لكن المثير للسخرية استبدال مداخيل النفط بقرض روسي بلغ خمسة مليارات دولار.
وسميت بـ «موازنة الصمود ومواجهة العقوبات»، والسؤال عن مدى قدرة الاقتصاد الإيراني على الصمود حتى نهاية ميزانية 2020 في مارس من العام الذي يليه، حيث تعتمد هذه الميزانية بالإضافة للقرض الروسي، على بيع أصول استثمارية بـ98.80 تريليون ريال وأصول مالية بـ 1240 تريليون ريال.
وعودة للحديث عن العدو الخارجي فقد حاولت إيران ومنذ إعادة فرض العقوبات أن تستفز رداً عسكرياً، وهو أمر جربته مع صدام حسين ونجح، وسمح للخميني آنذاك بقمع شركاء الثورة والتخلص من الجيش مقابل تأسيس الحرس الثوري، ولكن هذه المرة لم تؤد نفس المقدمات لنفس النتائج.
فقد قامت بتفخيخ واستهداف عدة ناقلات للنفط، واستهدفت منشآت نفطية في المملكة العربية السعودية، وذهبت في استفزازها لاحتجاز ناقلة نفط بريطانية، وإسقاط طائرة أمريكية بدون ركاب، كما قامت بإطلاق صواريخ في محيط السفارة الأمريكية بالمنطقة الخضراء في بغداد وبالقرب من قاعدة عسكرية.
وفي كل ذلك لم تقدم الإجبار الحقيقي لرجل الأعمال دونالد ترمب حتى يعقد صفقة الحرب، لأنها لم تتجاوز الخط الأحمر بقتل مواطن أمريكي، ولكنها اليوم تفعل، حيث قامت بإطلاق 30 صاروخا على قاعدة للتحالف الدولي في كركوك، مما أدى لمقتل متعاقد أمريكي وإصابة العديد من العسكريين.
بالتصعيد الأخير تكون إيران فقأت عين الأسد، كما تسمى القاعدة الأمريكية في العراق، فهل تستفز الولايات المتحدة بتوجيه هجوم عسكري على الداخل الإيراني والرئيس يعيش معركة العزل بين الكونغرس والشيوخ ؟
شخصيا لا أتوقع هجوما على الداخل الإيراني.. وسيكون الرد غالباً عنيفاً ومستهدفاً الحشد الشعبي.
صحيفة عكاظ
https://www.okaz.com.sa/articles/authors/2002905
الاثنين 30 ديسمبر 2019
اترك تعليقاً