كيف استطاع رجل واحد تغيير التاريخ، هكذا عنون رئيس وزراء بريطانيا والصحفي بوريس جونسون كتابه عن الأيقونة وينسون تشرشل، الذي كان صحفياً ومراسلاً حربياً وقائداً بريطانيا ربح بمشاركة الحلفاء حرباً عالمية كسرت شوكة هتلر.
يأتي إلى سدة الحكم وليست أقل مشاكله اختطاف إيران لناقلة نفط إيرانية، في وقت أتم أربعة عقود نظام إيراني ومرشده لا يبدو مختلفاً كثيراً عن هتلر وطموحاته في جعل القارة العجوز ولايات تحت إمارته، للتو جربت إيران صواريخ بمدى ألف كيلومتر، مما يعني أن استهداف أوروبا أصبح على الطاولة ولم يتوقف الأمر على صواريخ تستهدف المملكة عبر وكلائها الحوثيين في اليمن.
وبالحساب الفيزيائي والجغرافي فوجود إيران في سورية بالإضافة لحزب الله يمثل خطراً أكبر على أوروبا، خاصة أن الاتفاق النووي وسدنته الأوروبيين وعلى رأسهم فيدريكا موغريني والذين عبروا عن مثالية هذا الاتفاق، وأنه أفضل حل يجنب العالم وجود دولة نووية إضافية، ولكنه يتجاهل بغرابة خطر تطوير صواريخ باليستية، في نهاية الأمر هي ليست لتصدير الورود للعالم، ناهيك عن خطورة التمدد في دول عربية على التجارة العالمية، ويكفي تصريح المسؤولين الإيرانيين حول عدم ضمانهم سلامة أوروبا من اللاجئين والمخدرات إذا ضاق بها الحال أكثر، وبالطبع نستذكر تصريح تشرشل «هل نتفاوض مع موسيليني؟»، ورفضه للحوار مع ألمانيا وإيطاليا.
وأم المشكلات قد تكون «البريكست» الذي فشلت تيريزا ماي في إيجاد حل له توافق عليه بروكسل ومجلس العموم البريطاني، بل كادت تسحب منها الثقة، وإن كانت استقالت بعد فشل كل خطط الخروج، وبوريس جونسون كان قد قاد حملة لدعم البريكست وضعت على الحافلات، كتب عليها «بريطانيا تدفع 350 مليون جنيها أسبوعياً للاتحاد الأوروبي»، وقال إن نظام الرعاية الصحية البريطاني أولى.
بوريس جونسون يتوقع أن يتم حسم الأمر في 31 أكتوبر، حتى لو كان الثمن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق، مما يرفع تكلفة منتجاتها التي كانت تصل إلى 27 سوقاً أوروبية بشروط أفضل.
يقارن كثيرون بين ترمب وبوريس جونسون، ويعتقدون أن تكون الكيمياء بين الزعيمين كبيرة، وتحدي نجاح بوريس في هذه العلاقة يعتمد على مدى قدرة الأمريكان بمنح المنتجات البريطانية شروطاً أفضل في السوق الأمريكية، مع تقارب أكبر مع واشنطن في عدة ملفات خارجية قد يكون أبرزها دعم أمريكا في حشدها ضد إيران.
وإن كان جونسون أجاب عن هذه النقطة خلال الانتخابات، بقوله «إذا سُئلت عما إذا كنت سأدعم إجراء عسكرياً ضد إيران حال كوني رئيساً للوزراء، فسوف تكون الإجابة بلا». وبطبيعة الحال لا ثابت في السياسة ولا يبقى دائما الحال بعد الفوز كما هو فترة الانتخابات.
لكن تبقى التحديات الأكبر داخلياً، حيث استقبل جيريمي كوربن زعيم حزب العمال المعارض فوزه بالقول «فاز بوريس جونسون بدعم أقل من 100 ألف من حزب المحافظين من خلال وعده بخفض الضرائب على أغنى الأغنياء، مصوراً نفسه على أنه صديق المصرفيين ويسعى إلى خروج مؤذ من الاتحاد الأوروبي بدون اتفاق».
لكن الصحفي والكاتب ورئيس الوزراء الجديد، رد بقوة على كوربن في أول كلمة له أمام مجلس العموم، حيث انتقد علاقة كوربن بقناة برس تي في الإيرانية، والتي ظهر عليها بمقابل مادي، حيث قال جونسون رابطاً الظهور التلفزيوني باحتجاز إيران ناقلة النفط، «من المدهش أننا يجب أن نفكر في تكليف هذا الرجل بالحفاظ على أمن هذا البلد».
الوضع في بريطانيا يحتاج إلى رئيس حكومة قوي يمثل «نجدة» حقيقية لمأزق البريكست، وتعاملاً مع المخاطر الأمنية والسياسية، ويبقى الهم الاقتصادي الأمر الأكثر أهمية للناخب البريطاني، بوريس جونسون منبهر بشخصية الزعيم الكبير تشرشل، الصحفي ورئيس الوزراء أيضا، والذي نجح في ربح الحرب العالمية والبقاء رئيساً للوزراء في دورتين، اليوم له تحدياته وحروبه أيضا.
صحيفة عكاظ
https://www.okaz.com.sa/article/1739217/
الاثنين 29 يوليو 2019
اترك تعليقاً