أعلنت الحكومة البريطانية حظر حزب الله اللبناني في المملكة المتحدة، مصنفة التنظيم المدعوم والممول من إيران «منظمة إرهابية» بجناحيه العسكري والسياسي، وجاء القرار البريطاني عقب موجة غضب أثارها رفع أعلام حزب الله في تظاهرات مؤيّدة للفلسطينيين في لندن.
الولايات المتحدة وعدة دول عربية تضع حزب الله على قائمة الإرهاب أيضا، لكن الاتحاد الأوروبي يضع الجناح العسكري فقط على قائمة الإرهاب، بالرغم من أن أوروبا تعد أحد أكثر المسارح تعرضاً للعمليات الإرهابية لحزب الله، ومنها تفجير حافلة في بلغاريا (يوليو 2012)، والذي أدى إلى مقتل خمسة إسرائيليين وسائق الحافلة، وإصابة ثلاثين شخصاً.
اعتداءات حزب الله على أوروبا تتجاوز العمليات الإرهابية، إلى استخدام أوروبا لغسيل أموال المخدرات وتمويل الحزب، فقد ذكر المدير السابق لإدارة مكافحة المخدرات الأمريكية مايكل بروان، أن «حزب الله» يحرك أطناناً من الكوكايين من أمريكا الجنوبية إلى أوروبا، وأنه طور شبكة معقدة لغسيل الأموال لم نشهد مثيلاً لها.
الاتحاد الأوروبي لا يجهل ما يمثله حزب الله من إرهاب، لكنه أراد إبراز اختلافه في الموقف مع بريطانيا، كمؤشر على الخلافات بين طليقين، والأهم للأوروبيين اليوم هو التأكيد على تباينهم عن السياسة الأمريكية ضد إيران، سواء عبر حظر حزب الله أو عبر الاستماتة للحفاظ على الاتفاق النووي مع طهران.
وهذا ما أكدته الممثلة العليا للسياسة الخارجية والأمن المشترك في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موجيريني، حين ذكرت أن قرار بريطانيا بحظر كل أجنحة حزب الله وتصنيفه بالكامل منظمة إرهابية، هو قرار وطني وسيادي لدولة لاتزال عضوا في الاتحاد الأوروبي، غير أنه يظل قراراً بريطانيا داخلياً لا يؤثر على موقف باقي أوروبا المعروف والذي يبقى دون تغيير، والمتمثل في إدراج الجناح العسكري، وليس الجناح السياسي لحزب الله، ضمن لائحة الإرهاب.
ذكرت ذلك في مؤتمر جمعها مع وزير خارجية لبنان جبران باسيل، حيث كان الملف السوري هو العنوان الرئيسي للمؤتمر، على مستوى الحل السياسي وعودة «اللاجئين»، الذين يحلو لأتباع إيران في لبنان تسميتهم «النازحين»، لينزعوا عنهم ما بقي من حقوق لم يسلبهم إياها بشار الأسد.
بريطانيا من جهة أخرى يبدو قرارها تقرباً إلى واشنطن، خاصة وطبخة البريكست اقتربت من الاحتراق دون أي نتيجة حتى الآن، ومع البريكست يبدو التباين عن المواقف الأوروبية ضرورة بريطانية، وربما رغبة في عدة ملفات قيّدها الوجود في الاتحاد الأوروبي.
لكن لندن حيث مندوب الأمم المتحدة لليمن البريطاني مارتن غريفيت، لا يبدو أنها في وارد الغلظة مع ممارسات الحوثيين، ناهيك عن وضعهم على قوائم الإرهاب، هذا لا يعني أن الحوثيين يزرعون الورد بينما حزب الله هو الإرهابي الوحيد، بل يعني أن لغة المصالح هي ما تحرك بوصلة التصنيفات الإرهابية، وأكثر من ذلك تعبر بريطانيا عن غياب رؤية كاملة للخطر الإيراني.
ما شهدناه من مارتن غريفيث من تسامح مع تجاهل الحوثيين لكل الاتفاقات، وغيابهم عن مشاورات جنيف، ثم تجاهل تنفيذ بنود اتفاق ستوكهولم، والبقاء محتفظين بميناء الحديدة حتى الآن، وغياب موقف صارم من آلاف الألغام التي زرعها الحوثيون، يعني في إحدى صوره الرغبة في الوصول إلى حل سياسي يجعل من الحوثيين حزب الله آخر، كحزب سياسي بجناح عسكري.
لا يوجد حزب بجناح حمامة، والجناح الآخر لنسر، إنما هو مبنى يرتدي قاطنو الأدوار العليا البدلة «بدون ربطة عنق»، ويرتدي قاطنو الأدوار السفلى الأحزمة الناسفة، ويمكن لمن أراد الوصول إليهم استخدام نفس المصعد.

صحيفة عكاظ
https://www.okaz.com.sa/article/1709943/
الاثنين 4 مارس 2019


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *