تعود الأميرة ريما بنت بندر بن سلطان إلى واشنطن، كسفيرة لخادم الحرمين الشريفين، بعد أن عاشت فيها وتخرجت في جامعتها العريقة جورج واشنطن، والتي تحمل اسم الرئيس الأول للولايات المتحدة الأمريكية، وهي أيضا أول سفير«ة» سعودية.
السفيرة الجديدة والتي عرفت خلال السنوات الماضية، بحملها ملفات تمكين المرأة ودعم الرياضة في المملكة، تتجه إلى عاصمة السياسة الدولية، في مرحلة تشهد استقطاباً كبيراً بين الحزبين الديموقراطي والجمهوري، وصراعاً مستمراً بين البيت الأبيض والصحافة.
وتغيرات في طبيعة التحالفات المتينة تاريخياً، وعلى رأسها التحالف بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، وتغيرات في المخاطر التي أصبحت سيبرانية أكثر منها نووية، وكيف أصبحت الحروب بالضرائب والرسوم عوضاً عن الدبابات والمدافع.
الأميرة ريما تفهم الثقافة الأمريكية جيداً، ولكن تدرك أيضا كيف تتطور المملكة ضمن رؤية 2030، دون أن يكون ذلك إخلالاً بقيمنا العربية والإسلامية، وقد عبرت عن نقد منطقي لطريقة تعاطي الغرب مع التغيرات الإيجابية في المجتمع السعودي، وذلك خلال جلسة حوارية في منتدى دافوس قالت فيها: (لماذا كنتم تطالبوننا بالتغيير، وعندما بدأت بوادر التغيير بالظهور تأتون إلينا بالنقد والسخرية، عندما تستيقظ كل صباح وتذهب إلى المكتب، وأنت تحفز الناس ليصنعوا التغيير في مجتمعهم، ثم نكون في قمة السعادة والحماس، وتأتي المقالات لتقول هذا رائع و«لكن»، ولماذا «لكن»؟ وهل هذا يعود لأننا من الشرق الأوسط وهناك تاريخ من القيم التي تشعرون أنها لا تتماثل مع قيمكم).
وهذا التعامل الانتقائي مع الإصلاحات يؤكد لنا دائما، أن العناوين البراقة من الحقوق والإصلاحات، كثيرا ما تطالب بها الصحف الأجنبية والمنظمات، كلوحة تختفي خلفها الأجندات السياسية، فعصب الموضوع هو القلق من نجاح المملكة في تحقيق رؤيتها، بكل ما تمثله هذه الرؤية من إضرار بمصالح البعض هنا أو هناك.
التعيين يأتي أيضا في نهاية رحلة آسيوية مميزة لولي العهد الأمير محمد بن سلمان، إلى الاقتصاد الثاني في العالم الصين، ومن سيصبح الاقتصاد الأول ربما خلال عقد من الزمان، وتجاوزت خلال الزيارة العلاقات بين البلدين الملفات المشتركة، لتذهب إلى التعاون في مشاريع مشتركة في باكستان على أحد طرق الحرير، عبر استثمار يبلغ 10 مليارات دولار في مصفاة على ميناء قوادر الباكستاني.
كما كانت هذه الجولة مؤشرا على تأكيد تنويع خيارات المملكة، وهو نهج ليس بالجديد، لكنه يشهد اليوم نقلا للعلاقات مع عدة دول من مرحلة التعاون إلى مرحلة الشراكة، ويسهم في إعطاء المملكة خيارات أفضل على مستوى توطين المعرفة وزيادة المحتوى المحلي، وعلى مستوى جذب أفضل الخبرات.
رحلة تمكين المرأة هي رحلة الوطن، وقد شهدت تقدما وتراجعا في مراحل معينة، لكن الأهم اليوم أننا نشهد كفاءات نسائية، قادرة على قيادة أصعب الملفات، وقد شهدنا خلال عهد الملك عبدالله (رحمه الله)، إدخال النساء لمجلس الشورى وشهدنا في عهد الملك سلمان دخول الناس للمجالس البلدية، وشهدنا نائبتين لوزراء في التعليم وفي وزارة العمل اليوم.
كما أن رؤية المملكة 2030 أكد عرابها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في عدة مناسبات، على أن تمكين المرأة عنصر أساسي من الرؤية، والتي تستهدف رفع نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل، وتمكينها من الحصول على الفرص المناسبة للإسهام في تنمية المجتمع والاقتصاد.
نبارك لمعالي السفيرة بنت السفير العريق الأمير بندر بن سلطان، والتي خالها أيضا هو عميد الدبلوماسية العربية الأمير سعود الفيصل (رحمه الله)، هذه الثقة الملكية والمسؤولية الصعبة، ودعواتنا لها بالتوفيق.
صحيفة عكاظ
https://www.okaz.com.sa/article/1708345/
الاثنين 25 فبراير 2019
اترك تعليقاً