منطقة «نيوم» ستركز على 9 قطاعات استثمارية متخصصة تستهدف مستقبل الحضارة الإنسانية، وهي مستقبل الطاقة والمياه ومستقبل التنقل ومستقبل التقنيات الحيوية ومستقبل الغذاء ومستقبل العلوم التقنية والرقمية ومستقبل التصنيع المتطور ومستقبل الإعلام والإنتاج الإعلامي ومستقبل الترفيه ومستقبل المعيشة الذي يمثل الركيزة الأساسية لباقي القطاعات، وذلك بهدف تحفيز النمو والتنوع الاقتصادي وتمكين عمليات التصنيع وابتكار وتحريك الصناعة المحلية على مستوى عالمي.
هذا ما قاله سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، قبل أقل من عام، وربما ما بقي في الأذهان أكثر الرسالة البصرية التي عبر عنها بصورة الجوالين، واليوم تمثل صورة مجلس الوزراء منعقدا هناك، وقضاء خادم الحرمين الشريفين إجازة في منطقة نيوم، رسالة تأكيد على جدية المملكة في الوصول لأهداف رؤيتها 2030.
إن اجتماع مجلس الوزراء السعودي في نيوم، يمثل في حقيقة الأمر النموذج السعودي في قيادة العالم العربي والإسلامي، نموذج الفعل في إقليم الكلام، نموذج الطموح في منطقة تطربها الشعارات.
نموذج الإنجاز يتضح في الأجندة المزدحمة على الدوام، فالمملكة تستعد هذه الأيام لاستضافة ملايين الحجيج، وتخلق لنفسها كل يوم تحديا أكبر لكي تكون الخدمات أفضل من العام الذي سبقه، بل زاد على ذلك في هذا العام، إقامة هاكاثون الحج وهو اللقاء الضخم الذي جمع ما يزيد على 3 آلاف مبرمج، وحقق بذلك رقما قياسيا حاز على أثره جائزة غينيس.
في هاكاثون الحج تتضح رؤية المملكة للمستقبل، والتي تعتبر ركيزتها الرئيسية الاستثمار في العقول، وفي الطاقات البشرية والإبداعية، وفي الحج أيضا يستمر الإبداع وخلق الأفكار، مما سيرفع من أعداد الحجيج والمعتمرين وصولا للهدف المحدد بـ30 مليونا، فالخدمات التقنية أصبحت متيسرة للحجيج من حول العالم، والمبادرات التي تستهدف تسهيل رحلة الحج يصعب حصرها في مقال، ولعل أبرزها «الطريق إلى مكة»، والتي من خلالها ينفذ الحجيج إجراءات دخولهم المملكة من مطار جاكرتا على سبيل المثال، ويصلون لمطارات المملكة وصول ركاب الرحلات الداخلية.
والمملكة اليوم تعمل على أكثر من جبهة في نفس الوقت، فهي تدير معركة ذكية في اليمن ضمن التحالف العربي، خاصة في جبهة الحديدة، حيث خنقت الميليشيات الحوثية هناك، عبر دفعها لإظهار حماقتها في تطبيق الأجندة الإيرانية، سواء عبر تهديد الملاحة البحرية في مضيق باب المندب، أو عبر قتل المدنيين كما فعلت باستهداف مستشفى الثورة وسوق السمك.
ومع نشر هذا المقال في السادس من أغسطس، يكون الجزء الأول من العقوبات الأمريكية على نظام الملالي في إيران قد دخل حيز التنفيذ، وهو في جزء كبير منه نجاح دبلوماسي سعودي، من ضمن خطوات عدة قامت بها المملكة للتصدي لنفوذ إيران ومحاصرتها عربيا وأفريقيا وحتى في آسيا الوسطى.
العقوبات التي ستُقر على إيران تستهدف صناعة السيارات وتجارة الذهب والمعادن، كما تحضر على الحكومة الإيرانية شراء وبيع الدولار، وأثرها المتوقع أكبر بكثير من فترة العقوبات السابقة، فالريال الإيراني يواصل رحلة الهبوط الحر مقابل الدولار من مستويات 30 ألفا قبل انسحاب أمريكا من الاتفاق النووي إلى مستوى 120 ألف ریال مقابل الدولار.
المملكة تقوم بدورها العسكري هنا في حماية الملاحة البحرية بالتعاون مع حلفائها، كما تقوم أيضا بدورها النفطي مع شركائها، بهدف تعويض أي نقص يحصل في الإمدادات، بعد أن تنخفض صادرات نفط إيران نوفمبر القادم.
سياسيا ودون ضجيج كما هي عادة المملكة، نشرت عدة صحف إسرائيلية أن صفقة القرن فشلت بسبب تمسك دول عربية على رأسها السعودية بحقوق الفلسطينيين، يشمل هذا حق العودة والقدس الشرقية عاصمة لفلسطين.
حين تكون دولة تعمل بجد على حل مشكلات الواقع، وتخطط وتخطو نحو المستقبل بكل حزم، لا بد أن يكون اجتماع الحكومة في نيوم، بينما غلب النعاس مستمعي الشعارات فصاروا نياما.

 

صحيفة عكاظ

الأثنين 6 أغسطس 2018


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *