غارات نظام بشار الأسد على دوما بغاز الكلور، والتي أدت إلى مقتل 100 شخص وإصابة المئات من الأطفال والنساء بالاختناق جراء الهجمات بالغازات السامة، هي استمرار لأبشع ما حدث على الكرة الأرضية منذ الحرب العالمية، ويؤكد أن المصالح تسبق كثيراً المبادئ لدى العالم خصوصاً الغربي.
لكنها أيضا تطرح خياراً أمام العالم بين مشروعين، المشروع الأول هو المشروع الإيراني، والذي يطمح للسيطرة البحرية على أهم المعابر المائية، فهو يسيطر على مضيق هرمز، ويتمنى لو استطاع السيطرة على مضيق باب المندب، لولا تدخل التحالف العربي في اليمن، وقد حققت طهران بسيطرتها على ميناء الحديدة الكثير من الضرر على الملاحة البحرية في البحر الأحمر خلال السنوات الثلاث الماضية.
هذا المشروع عمل في سورية والعراق على خلق مساحات تمدد للإرهاب، إرهاب يخدمه عبر عنوانه السني «داعش»، وهو إرهاب ينسق معه بحيث لا تتضرر منه لا داخل إيران، ولا في مصالحها خارجه، وهو نهج قديم بدأ مع تنظيم القاعدة، واستمر مع تنظيم داعش.
هذه الإستراتيجية تحقق مأسأة سنية على مرحلتين، المرحلة الأولى ارتهان المناطق السنية للجماعات الإرهابية، ثم قتل المزيد منهم عبر الزعم بمكافحة الإرهاب، وبالتالي تغيير هوية العديد من المدن المختلطة أو ذات الغالبية السنية، لتحقق تغييراً ديموغرافيا بهدف طائفي.
وكثيراً ما منعت إيران بعض الفصائل المعارضة من الخروج من مناطق تحاصرها، لا رغبة في هزيمتها، بل لتحقيق أكبر عدد من القتلى، وكثيراً ما تنتهي عملية الإبادة، بإخراج من تسميهم جماعات إرهابية في باصات مكيفة إلى منطقة أخرى، حتى تكتمل حياكة السجادة، التي تمتد من طهران حتى بيروت، لتطل على البحر الأبيض المتوسط، مضيفة منصة بحرية جديدة، لكن هذه المرة على مرمى حجر من أوروبا.
هذا المشروع كما الإرهاب، مشروع خلق ليكبر وليصل لكل مكان، وكما ظن الغرب في لحظة ما أن الإرهاب مشكلة سورية عراقية، حتى أدرك لاحقا بعد تجنيد داعش لعناصر غربية، واستهداف الغرب بعملياته، من أن كرة الثلج إذا تدحرجت فستصل للنهاية.
المشروع الإيراني كذلك لم تبن فكرة تصدير الثورة، لتقف عند الأقطار العربية، بل لتصل لأفريقيا وأوروبا أيضا، وتدمر المصالح التي تقف في طريقها، ولعل الحوادث التاريخية للعمليات الإرهابية من بيروت إلى مصالح غربية في عدة دول عربية، وصولاً إلى الاعتداء على السفارات الغربية داخل طهران، أكبر دليل على الثابت في ذهنية النظام الإيراني خلال 4 عقود.
لكن الغرب لديه خيار آخر، وهو المشروع التي تقدمه المملكة، مشروع الأمن والاستقرار والتنمية، التنمية التي تجعل الشباب مهتمين بالابتكار والإنجاز، عوضا عن تحولهم لمواد خام للإرهاب، إما عبر غياب التنمية، أو عبر الحنق الذي تخلقه الإبادة الطائفية والصمت العالمي كذلك.
مشروع يقدمه الأمير محمد بن سلمان، للعودة للإسلام الوسطي، والذي يحتاج مكافحة جادة للتطرف والإرهاب من الجميع، وهو ما يتطلب التصدي للدول التي تدعم وتمول وتؤوي الإرهابيين، خصوصاً والخيارات الأخرى قد أثبتت فشلها، فالشرق الأوسط اليوم أسوأ بكثير من قبل 3 سنوات حين وقع الاتفاق النووي.
والذي منح إيران مزيداً من الأموال لتمويل الميليشيات، وكل المليارات التي عادت لطهران، لم ينتج عنها مشروع تنموي واحد للشعب الإيراني، وربما تبين أن النظام الإيراني وخلال الأشهر الأخيرة، أصبح يعاني رفضاً داخلياً، ومن جميع مكونات الشعب حتى المكون الفارسي، وفي مناطق كان يعتبرها النظام حديقته الخلفية مثل مدينة مشهد.
اليوم أمام العالم صاروخ باليستي ينطلق مستهدفا قتل المدنيين، وأمامهم صاروخ آخر ينطلق للسماء، ليحمل قمراً صناعياً، وقد كتب عليه «فوق هام السحب»، وبين السحاب والأرض تكون المسافة بين المشروعين.
صحيفة عكاظ
https://www.okaz.com.sa/article/1630885/
الاثنين 9 أبريل 2018
اترك تعليقاً