عام 2017 قد يسميه البعض عام ترمب، فقد كان هذا الحدث هو الأكثر صدمة لكثير من المراقبين، أوروبيا زادت الخشية أن يدفع فوز ترمب إلى موجات من فوز اليمين المتطرف، خصوصا أن الأحزاب اليمينية تميل إلى الخروج من الاتحاد الأوروبي، مع ما يعنيه ذلك من أضرار اقتصادية ومادية.
ما زاد من هذه المخاوف أن فوز ترمب سبقه زلزال كبير في أوروبا، وهو التصويت على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يونيو 2016 ،لكن هذه الموجة واجهت فشلا ذريعا في هولندا، حيث لم يحقق حزب اليمين أكثر من 13% من الأصوات، بينما كان الصخرة التي أوقفت هذه الموجة، تغلب إيمانويل ماكرون على ماري لوبان في الانتخابات الفرنسية.
خلال الانتخابات الأمريكية كان الكثير من المراقبين ينتظر من الرئيس أو الرئيسة القادمة، الخطوات التي سيقوم بها في الشرق الأوسط، وأن الشرق الأوسط سيكون على رأس أجندة الخارجية الأمريكية، بما في ذلك سورية التي تركها أوباما للروس بشكل كامل، مع إهمال مشابه في حالة اليمن وليبيا، هذا الإهمال جزء منه القبول بأي مقابل من أجل الاتفاق النووي.
لكن في حقيقة الأمر كان الخطر الحقيقي على العالم، والمنذر الحقيقي بحرب عالمية، هو تهديدات الرئيس الكوري الشمالي، لحلفاء الولايات المتحدة من حوله، اليابان وكوريا الجنوبية، وامتداد ذلك إلى قدرته على الوصول لأهداف في الولايات المتحدة، مع العلم أن أمريكا عادة ما تخوض المعارك بعيدا عن أرضها، يستثنى من ذلك حين زرع السوفييت صواريخ في كوبا.
في بداية العام 2017 كان من المتوقع أن تكون المسألة السورية الأقرب إلى الحل، خصوصا مع زيادة العنف الروسي والسيطرة على حلب بعد إذعان تركيا للكرملين، وتراكم لقاءات أستانة بين روسيا وإيران وتركيا، مما أوحى بأن لا صوت يعلو على صوت بوتين، وأن وجود ترمب في البيت الأبيض سيسهم في إغلاق الملف، لكن ما زال الحل صعبا لعدة أسباب على رأسها صعوبة تسويق بشار الأسد على المستوى السوري قبل الإقليمي.
في 2018 قد تكون اليمن هي أقرب الملفات إلى الحل، فقد كانت تصفية الرئيس الراحل علي عبدالله صالح، ضربا لشرعية الانقلاب في إقليم آزال، ومعاداة للقاعدة الشعبية والقبلية لصالح، وكاشفة لليمنيين عن الأجندة الإيرانية التي تحرك الحوثيين، فلم تعد المعركة بين أطراف يمنية، بل أصحبت معركة استعمار مع دولة توسعية لديها مشكلة مع العرب لا مع المذاهب.
2018 هو عام انتخابات بامتياز، حيث تجري فيه عدة انتخابات نيابية ورئاسية، سيكون بعضها بالغ التأثير، يأتي على رأس ذلك الانتخابات النيابية في العراق ولبنان، في الحالة العراقية يبدو العنوان الرئيس هو عدم جاهزية أغلب الأحزاب للانتخابات، وعدم الجرأة على تأجيلها، العبادي يريد الإفادة من القضاء على داعش انتخابيا، والمالكي يمني النفس بالعودة من الباب الخلفي.
الأكراد يبدون مشتتين بعد إلغاء الاستفتاء والعودة إلى حدود 2014، والانقسام بين الحزبين الكبيرين بالإضافة إلى رحيل جلال طالباني واستقالة مسعود برزاني، الوضع السني ليس بأفضل من ذلك، فهو يعاني من الشتات بعد التهجير، وسيطرة داعش على مناطقه لفترة طويلة.
لبنانيا يطمح حزب الله إلى الإطباق على الدولة اللبنانية عبر البرلمان، رغم أنه يطبق على الدولة بالفعل، تزامنا مع عودة إجراءات النظام السوري السابقة في لبنان، على مستوى حرية الصحافة، وعلى مستوى خيار الحرب والسلم.
الحريري سيستفيد من تزايد شعبيته بعد العودة عن الاستقالة، لكن استمرار تصرفات حزب الله بالنأي عن الدولة اللبنانية، وتقديم جولات سياحية لقادة الحشد الشعبي في جنوب لبنان، سيجعل المناوئين لمشروع حزب الله في لبنان يأخذون من رصيد الحريري، وبالتالي تقسيم الصوت السني.
2018 سيشهد أيضا انتخابات نيابية في البحرين، وسيشهد انتخابات رئاسية في روسيا ومصر، يصعب في حقيقة الأمر التكهن بنتيجتها.

يبدأ هذا العام مع حركة كبيرة في الشارع الإيراني، منطلقها الأول اقتصادي، وخطها الرئيسي إلغاء القداسة عن الجميع، فصور خامنئي وقاسم سليماني تحرق، والشعارات تنتقد الإصلاحيين والمحافظين على حد سواء، كما كان شعار المظاهرات اللبنانية بعد انتشار النفايات «كلن يعني كلن».

صحيفة عكاظ

http://www.okaz.com.sa/article/1602333/

الاثنين 1 يناير 2018


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *