يتزامن نشر هذا المقال مع نهاية المهلة المقدمة من الدول الخليجية الثلاث ومصر لقطر، والتي بلغت عشرة أيام، علها تستجيب للمطالب الثلاثة عشر، ولكنه في تاريخه القريب يذكرنا بـ3 يوليو وتلك الأجواء التي عشناها في مصر اعتراضًا على إسقاط الشعب المصري لحكم الإخوان المسلمين عبر إسقاط الرئيس مرسي.
أربعة أعوام مرت على حلم قطري لحمد الأب تبخر مثل السراب، ولم تنفع حينها جولات وزير الخارجية القطري على العواصم الأوروبية، خالد بن محمد العطية وزير الخارجية القطري منذ 26 يونيو 2013 أي قبل نزول المصريين لإسقاط مرسي بأربعة أيام، وكانت هناك محاولة لمنافسة الدبلوماسية السعودية في باريس، ولكنها فشلت بالطبع أمام دبلوماسية السعودية متمثلة في المغفور له سعود الفيصل.
بقي الحال على ما هو عليه وخرج الإخوان في مصر من باب ذي اتجاه واحد، وتكررت الأزمة بين السعودية والإمارات والبحرين ومصر من جهة، والنظام القطري من جهة أخرى، وذهب وزير الخارجية القطري الجديد محمد بن عبدالرحمن، لمحاولة تغيير الرأي الأوروبي والأمريكي والروسي، ومجرد التفكير في تدويل الأزمة هي مشكلة مترسخة في نظام الأمير الوالد ولو تغيرت ملامح الوزراء في نظام الابن.
وزير الخارجية السعودية عادل الجبير كان واضحا منذ الأيام الأولى للأزمة حين رفض وساطات أوروبية لحل الأزمة، وقال إن الأزمة لا تحل إلا في إطار خليجي وعربي، بينما حاول النظام القطري أن تكون عوائد الاستثمارات القطرية في شركات الطاقة الروسية وشركات التقنية الألمانية مواقف منحازة لأجل قطر في الأزمة، لكن الأوروبيين في أقصى درجات التحيز التزموا الحياد حفاظا على مصالحهم، وإدراكهم لأحجام الدول في هذه الأزمة.
أما الانحياز فكان واضحا وطبيعيا من تركيا وإيران، أما إيران فمن الطبيعي أن تجد في النهج القطري فرصة كبيرة لها لدخول الخليج من بوابة أخرى، ونذكر أنه في اليوم الأول للأزمة تصدرت الصحف الإيرانية عناوين عن «فرص اقتصادية في قطر»، كما أن إيران تجد في قطر واجهة جيدة لها لتمويل الميليشيات التابعة لها سواء حزب الله في لبنان، أو الحوثيين في العراق، وكذلك الميليشيات المنتشرة في العراق وسورية.
كما أن لإيران مكسبًا كبيرًا من قرار قطر التغريد خارج السرب، وذلك بشق صف مجلس التعاون الخليجي، والتي ترى في وحدته ضعفا لها وتصديا لمشاريعها التوسعية، وهو أمر ليس بالجديد ولا الأزمة الحالية هي المسؤولة عنه، بل إن حضور الرئيس الإيراني أحمدي نجاد للقمة الخليجية في الدوحة، والاتفاقيات الأمنية مع إيران موجودة من قبل، ولكن الأزمة الحالية سمحت لقطر لأن تأتي بالأوراق على الطاولة.
وزير الخارجية القطري السابق خالد بن محمد العطية ووزير الدفاع القطري الحالي، يزور اليوم تركيا ليلتقي وزير الدفاع التركي تزامنا مع دفعات جديدة من الجنود الأتراك، ولم يخبر النظام القطري شعبه -إن كان يهتم لأمره- لماذا أتى هؤلاء الجنود؟ ولحماية قطر مِن مَن؟ وهل هذا إدراك لأن القاعدتين الأمريكيتين بجنودهما العشرة آلاف لا يتدخلون في الشأن الداخلي القطري، وبالتالي الخوف من الداخل أكثر من الخوف من الخارج.
لو أن الأمور تؤخذ بالمنطق لاغتنم النظام فرصة وجود وسيط كويتي مقبول ومحترم من جميع الأطراف، وأدرك أن غضبة الدول الأربع اليوم ليست كغضبات سابقة، وقد قال وزير الخارجية السعودي: لقد طفح الكيل من الممارسات القطرية، والتي تمثل تدخلاً في شؤون هذه الدول وتقويضاً لأمنها، وأن لا قبول بأقل من تحقيق كامل الشروط.
علّمنا التاريخ أن الفرص التي تضيع لا تعود، وكذلك ندم مرسي على عدم قيامه بانتخابات رئاسية مبكرة، وقيل حينها إنه لم يكن سيد قراره، يا ترى هل يستفيد النظام القطري من تاريخ ميدان رابعة، أم أن أصوات الهتيفة ستحرف البوصلة كما حرفتها في 2013.
صحيفة عكاظ
http://okaz.com.sa/article/1556648/
الاثنين 3 يوليو 2017
اترك تعليقاً