اختار الرئيس دونالد ترمب أن تكون السعودية محطته الخارجية الأولى، وهذا أمر لم يسبق لأي رئيس أمريكي أن فعله، وهذا الأمر تأكيد على أهمية السعودية أولا، وعلى إدراك الإدارة الجديدة لأهمية منطقة الشرق الأوسط، ضمن ثلاث مناطق جيوسياسية مهمة للولايات المتحدة، تضم شرق آسيا وأوروبا.

أهمية الخليج العربي تأتي أولا من وجود حوالى ثلث إنتاج نفط العالم من هذه المنطقة، وتأتي أيضا من خلال وجود عدد من الدول الفاشلة (states failure) القريبة من منطقة الخليج، وعلى رأسها سورية وليبيا، وبدرجة أفضل قليلا العراق واليمن، وفي هذه الدول التي تعيش اضطرابات بيئة خصبة لنمو الإرهاب، وهو خطر حقيقي تدركه الإدارة الأمريكية الجديدة، كما أنه عابر للقارات.

هذه الدول المضطربة واستمرار حالة عدم الاستقرار، يمثلان خطرا على جيران هذه الدول من حلفاء أمريكا، كتركيا وإسرائيل والأردن بالإضافة للبنان في الحالة السورية، ومصر وتونس والجزائر في الحالة الليبية، كما أن عدم الاستقرار ووجود حل سياسي في المناطق المضطربة، أدى وسيؤدي في حال استمراره إلى مزيد من المشكلات الاقتصادية والأمنية لأوروبا.

الرئيس ترمب لا يتعامل بمنأى عن المشكلات كما فعل سلفه أوباما، لعدة أسباب منها رغبته في استعادة هيبة الولايات المتحدة، الأمر الذي يتطلب تقليم أظافر الطموح الروسي والصيني بدرجه أقل، خصوصا في المناطق التي تمددت فيها روسيا لملء الفراغ السياسي الذي خلفته الإدارة الأمريكية السابقة، لكن الرئيس الأمريكي لا يتبنى أيضا فكرة الرئيس بوش الابن بالانخراط العسكري المباشر على الأرض.

وهنا تأتي أهمية المملكة عسكريا حيث قادت تحالفا من عشر دول لدعم الشرعية في اليمن، أثبت خلال العامين الماضيين قدرات عسكرية كبيرة للمملكة، أسهمت في تحرير أكثر من 80 %من التراب اليمني من الانقلابيين، كما وتصدى التحالف بكل حزم لتنظيم القاعدة في عدة مناطق يمنية، هذا الجهد أتى بالتوازي مع الجهد الإنساني ومشاريع الإعمار، مما يعني أن السعودية تقدم مشروعا كاملا لتنمية اليمن.

وعلى مستوى الإرهاب الذي يأتي على سقف أولويات الإدارة الأمريكية، ففي السعودية تجربة لافتة لوزارة الداخلية السعودية، توجت بمنح الأمير محمد بن نايف ميدالية تينت لمكافحة الإرهاب من قبل CIA ،كما أن ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان استطاع جمع أربعين بلدا إسلاميا في تحالف عسكري لمكافحة الإرهاب، كان وما يزال مستعدا للمشاركة على الأرض لدحر الإرهاب.

زيارة السعودية كمحطة أولى لرئيس أهم دولة في العالم، هو أمر بالغ الأهمية، لكن عقد ثلاث قمم خليجية وعربية وإسلامية، له دلالة على قوة السعودية الدبلوماسية، والقدرة على جمع هذا العدد من زعماء العالمين العربي والإسلامي، مؤشر على نجاح الرياض كعاصمة للدبلوماسية، زارها عشرات الزعماء خلال العامين الماضيين.

السعودية وأمريكا لديهما مصالح مشتركة، منها محاربة الإرهاب وبالنتيجة تحجيم الدولة الأولى في رعاية الإرهاب «إيران»، التي تستعمل الميليشيات للتدخل العبثي في عدة دول عربية، ولديهما مصالح اقتصادية وسياسية مشتركة، والاستقرار والضغط للخروج بحلول سياسية في عدة مناطق في الشرق الأوسط، وإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني بحل عادل للسلام، هو ضرورة لعدة أطراف منها الولايات المتحدة والسعودية.

ترمب في حملته الانتخابية اختار شعار «أمريكا أولا»، ولأنه يريد مصلحة أمريكا بالعودة لعلاقات قوية مع حليف موثوق وذي تأثير اقتصادي وعسكري وديني كبير، فكان لزاما أن يكون عنوان رحلته الأولى «السعودية.. أولا».

صحيفة عكاظ

http://okaz.com.sa/article/1546748/

الاثنين 15 مايو 217


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *