يوم الخميس الماضي الساعة التاسعة مساء بتوقيت باريس، يقوم شخص يدعى كريم شرفي بإطلاق النار على حافلة تقل رجال أمن في جادة الشانزليزيه، بعد أن ترجل من سيارته الأودي فضية اللون بجوار الحافلة، فقتل رجل أمن وجرح اثنين مستخدما كلاشينكوف، قبل أن يرديه رجال الأمن قتيلاً.
كريم والمكنى أبو طارق البلجيكي هو شخص فرنسي الجنسية، وهو ما دعا وزير الداخلية البلجيكي جان جامبون للتصريح لإذاعة (في. آر. تي) «التحقيقات جارية، ما يمكن أن نؤكده هو أن الجاني مواطن فرنسي»، ويأتي تصريح وزير الداخلية البلجيكي في ضوء ما تناولته وسائل الإعلام حول التحذير الذي حملته الوثيقة التي اطلعت عليها رويترز بعد الهجوم حول شخص خطر أتى إلى فرنسا بالقطار أمس قادما من بلجيكا. رغم أنه لم يتضح إن كان ذلك الشخص هو المهاجم نفسه أو إن كان له صلة بالهجوم.
هذا يثير الحديث حول الإجراءات الأمنية، خصوصا بعد أن أشارت وسائل الإعلام الفرنسية، إلى أن المجرم أمضى عددا من السنوات في السجن لأنه أطلق النار على شرطي في بداية الألفية، كما أفادت مصادر لـ«فرنسا24» بأن الرجل كان يخضع للتحقيق بعد أن أعرب عن نيته قتل شرطيين وأوقف في 23 فبراير ثم أفرج عنه لعدم كفاية الأدلة.
السابقة الإجرامية تؤكد أن إعلان تنظيم داعش مسؤوليته عن العملية أمر يحتاج إعادة نظر، وهذا الأمر يتعلق بمختلف العمليات الإرهابية وليست هذه العملية تحديدا، كل ما هنالك أن عنوان داعش أصبح «فرنشايز» براقا لترويج الإرهاب ومنحه زخما أكبر، وإعطاء إشارات غير دقيقة عن قوة التنظيم الذي ينكمش ويتكبد الكثير من الخسائر في العراق وفي سورية، خاصة أن قيام مجرم بعملية وله سجل إجرامي يسبق ظهور التنظيم بعقد من الزمان.
توقيت العملية هدفه واضح قبل ثلاثة أيام من الجولة الأولى للانتخابات الرئاسية، والتي تعد من أكثر الانتخابات الفرنسية زخما، ومن أقلها وضوحا حول هوية المرشح الأقرب للفوز، وصول الإرهابي من بلجيكا إلى فرنسا، يدعم مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبن، والتي تدعو إلى إعادة حدود فرنسا كما كانت، بمعنى منع حرية التنقل بين دول الشنغن.
ولا شك أن وصول مرشحة اليمين المتطرف أو مرشح اليمين فرانسوا فيون، والدفع نحو الخروج من الاتحاد الأوروبي واستعادة الفرنك عوضا عن اليورو، سيكون قاصمة ظهر للاتحاد الأوروبي، بدرجة تتجاوز ما أحدثه خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست).
الإرهاب قد يدفع لاختيار مرشح معين، لأن الهاجس الأمني يصبح متجاوزا البرنامج الانتخابي، لكن الإرهاب في حالات كثيرة قد يؤدي لمقاطعة الانتخابات، خصوصا أن استطلاعات الرأي التي جرت قبل أيام تشير إلى أن نسبة التصويت لن تتجاوز 25%.
الانتخابات الفرنسية تأتي ضمن ازدهار لتيارات اليمين في الغرب، وهو ما أدى إلى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، لكنها فشلت في النجاح في هولندا، في فرنسا نتيجة الانتخابات غير المتوقعة أصبحت أصعب توقعا كما عنونت الايكونومست.
قيم الثورة الفرنسية (الحرية والمساواة والإخاء) ليست وحدها المهددة بنتائج الانتخابات، إلا أن ملفات عدة معنية بهذه الانتخابات، منها البقاء ضمن الاتحاد الأوروبي، العلاقة مع روسيا وبالنتيجة منظور الحل السياسي في سورية، ولهذا تعتبر عملية أبوطارق الإرهابية خطيرة في توقيتها، فثلث الفرنسيين لم يحسموا أمرهم بين المرشحين الأربعة الأوفر حظا، ويبقى السؤال هل سيصوت الفرنسيون للمرشح الذي يقنعهم أم للمرشح الذي أقنعهم به أبوطارق؟.
صحيفة عكاظ
http://okaz.com.sa/article/1542013/
الاثنين 24 أبريل 2017
اترك تعليقاً