ترمب مع وصوله للبيت الأبيض أعطى إشارات مهمة عن سياساته المستقبلية نحو منطقة الشرق الأوسط، نحو منطقة تعيش فوضى وإرهابا ودولا فاشلة توشك على التقسيم في أكثر من مكان، هذه الفوضى بدأت منذ العام ٢٠٠٣ مع التدخل الأمريكي في العراق وصولا إلى تسليم كثير من مقاليد الأمور إلى إيران.
هذه الفوضى زادت بنهاية العام ٢٠١٠ وسقوط نظام بن علي في تونس، وصولا إلى العام ٢٠١١ الذي شهد تغيرات كبيرة في مصر وليبيا واليمن وسورية، لكن الحدث الأخطر والأقل ذكرا في الإعلام، هو تقسيم السودان وانفصال جنوب السودان في ٩ يوليو ٢٠١١.
قرارات الرئيس ترمب شملت حظر سفر مواطني سبع دول إلى الولايات المتحدة، وكان من الطبيعي أن نجد غضبا من مواطني الدول العربية الست، حيال منعهم من الوصول إلى الولايات المتحدة، إلا أن دوافع حزبية دفعت البعض للغضب من عدم منع مواطني دول مثل السعودية ومصر.
غضبهم يأتي من إدراكهم أن عدم حظر مواطني مصر على سبيل المثال، والعلاقات الجيدة بين الرئيس ترمب والرئيس السيسي، كانت أحد عوامل فشل تحرك ١١ نوفمبر الماضي، والتي تمنت أن يسهم في إسقاط نظام السيسي، وأثبت التغير عبر الحركات الاحتجاجية في العالم العربي، أنه رهينة الأجندات الأجنبية وداعم لمشروعات التقسيم، مهما كانت النوايا طيبة عند البعض المشاركين فيها.
الرئيس ترمب قام أيضا بالاتصال بخادم الحرمين الشريفين، وكانت مكالمة مهمة بينت رؤية الإدارة الأمريكية بالتحرك الجدي، ووقف العبث في المنطقة الذي يتحمل مسؤولية الجزء الأكبر منه إيران، وتحدث بوضوح عن محاربة الإرهاب، بالتعاون مع السعودية الدولة الأبرز في التصدي للإرهاب، وعن مناطق آمنة في سورية وفي اليمن.
الرئيس ترمب التقى أيضا الملك عبدالله الثاني ملك الأردن، وقام بالاتصال بالشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي، مما يؤكد سعي الرئيس ترمب لإعادة البوصلة إلى السياسة الخارجية الأمريكية، التي تراجعت في علاقاتها مع الحلفاء المعتدلين في منطقة الشرق الأوسط، وهم السعودية والإمارات والأردن ومصر، مقابل الدولة العبثية إيران التي سعت لنشر الفوضى وخلق دول ميليشيات لا دول وطنية بتدخلاتها، سواء في دعم ميليشيا الانقلابيين الحوثيين والمخلوع صالح في اليمن، أو بدعم حزب الله في لبنان وتصدير دوره إلى سورية. وصولا إلى العبث في العراق وخلق ميليشيات طائفية في العراق مثل الحشد الشعبي، تكون بديل الجيش الوطني تنسج على شاكلة الحرس الثوري الإيراني.
الإدارة الأمريكية الجديدة تتحرك بشكل واضح للتصدي للمشروع الإيراني العبثي، الذي استمرأ الاستهانة بالقانون الدولي وبالاتفاقيات، عبر القرصنة البحرية التي يقوم بها حينا بشكل مباشر وفي أحيان أخرى بالوكالة عبر الانقلابيين الحوثيين، وكذلك بالاستمرار بالتجارب الصاروخية خرقا للمعاهدات التي التزم بها.
هذه الدول العربية الأربع مثلت في فترة سابقة محور الاعتدال في المنطقة، عبر السعي لتكون الدول العربية دولا وطنية، تتعاون لما فيه خيرها وخير المنطقة بعيداً عن المغامرات المرهونة للخارج، وتركز على تنمية الأوطان والتكامل العربي.
على هذه الدول الأربع اليوم تعظيم الفوائد من الرؤية الواضحة للإدارة الأمريكية الجديدة حول الشرق الأوسط، خصوصا أن الدول الأربع لديها أيضا علاقات جيدة مع روسيا، أحد أهم اللاعبين في الشرق الأوسط اليوم، وهذا يستلزم تغليب المصلحة الجامعة والأهداف المشتركة، ويجب أن يتم استثمار اللحظة لأن الفرص لا تتكرر.
صحيفة عكاظ
http://okaz.com.sa/article/1525571/
الاثنين 6 فبراير 2017
اترك تعليقاً