قبل أن يُحسم السباق الرئاسي في الولايات المتحدة الأمريكية، كان هناك أطراف عدة تسعى لشكيل واقع جديد يتعامل معه القادم الجديد للبيت الأبيض، مع الحد من قدرته على تعديل هذا الواقع، بالتزامن كان هناك سعي حثيث من الإدارة الأمريكية ومن وزير الخارجية جون كيري إلى إنهاء عدة صراعات قائمة في المنطقة.

الأطراف المؤيدة لنظام الأسد سعت لحسم معركة حلب، عبر جعل كل الأطراف المقاتلة في حلب إرهابيين، وتم العمل على الحصار ومنع حتى المساعدات الإنسانية، بالإضافة لتجريب مختلف الأسلحة الروسية التدميرية، حكومة أوباما أيضا سعت لإنهاء موضوع حلب بإتفاق مع روسيا في سبتمبر الماضي، ولكن هذه الهدنة لم تصمد ولم تحقق الحد الأدني من المعونه الإنسانية لحلب، حيث كان قصف طائرات غربية لجنود من النظام السوري، ذريعة كافية لروسيا لضرب قوافل المساعدات الإنسانية، وزيادة وتيرة القصف على حلب، أملاً في إفراغها من أهلها على شاكلة الزبداني وداريا.

في اليمن سعى كيري عبر مبادرة عرجاء، في تقديم حل ينهي الأزمة اليمنية أواخر أغسطس الماضي، تعتمد المبادرة على تشكيل حكومة وحدة وطنية، وخروج الحوثيين من العاصمة صنعاء، وتسليم السلاح لطرف ثالث، ولكن مجدداً كان الحوثيين أول الرافضين لها، بل إنهم قصفوا الطائف بعدها بأيام ثم تبعوها بالسعي لقصف مكة، اللافت أن الحوثيون استهدفوا المدمرة الأمريكية يو أس أس مانسون، عدة مرات في أكتوبر الماضي، وبالطبع كان الرد الأمريكي ضعيفاً حيث اقتصر في المرة الأخيرة على قصف رادارات ساحلية يملكها الحوثيين.

هذا على مستوى المساعي الإستباقية للإنتخابات الأمريكية، والتي كان من المرجح فوز هيلاري كلينتون بها، بحسب إستطلاعات الرأي في أمريكا، وبعد نهاية الانتخابات وفوز دونالد ترمب بها، ظهرت من اللحظة الأولى تصريحات قلقة من طهران، تخشى في المقام الأول إلغاء الإتفاق النووي.

وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف صرح بأن :  “من مصلحة الجميع أن يتعامل بطريقة إيجابية، ويظل ملتزما بالاتفاق. ولكن إذا وجدنا شكوكا حول الالتزام به، فإن إيران سيكون لديها خيارات أخرى أيضا”.

هذه الخيارات الأخرى يبدو أنها الدافع لرئيس هيئة الأركان المشتركة في القوات المسلحة الإيرانية اللواء محمد حسين باقري  للحديث عن أن إيران أسست خلال السنوات الماضية أرضية لصناعة صاروخية في سوريا بحيث يتم إنتاج صواريخ في محافظة حلب شمالي سوريا، وأن هذا المصنع قدم الصواريخ لحزب الله في حربه مع إسرائيل 2006.

هنا الرسالة الإيرانية يتضح منها أهمية الإتفاق النووي لإيران، ولهذا تلوح بأن إلغاء الإتفاق النووي سيؤدي إلى ضرب إسرائيل مجددا عبر حزب الله، بالإضافة إلى تهديد القطع الحربية للبحرية الأمريكية، عبر مصانع صواريخ قد تكون انشئت في اليمن، وأخرى تم الإتفاق عليها رسميا مع وزارة الصناعة والمعادن العراقية.

الرسالة الإيرانية تشير إلى محدودية خيارات طهران، وتشير أيضا إلى إدراكهم للخطر الإقتصادي لإلغاء الإتفاق النووي، مهما بدوا متزمتين حول سقف إنتاج للنفط ضمن أوبك، أما ترمب فلديه كل الخيارات، ويبقى السؤال هل سيكون لديه الإرادة السياسية لكبح جموح إيران، التي تتحدث عن مصانع الصواريخ كمصانع عصير، تقدم المشروب ترحيبي لترمب.

الموقع الشخصي

الخميس 17 نوفمبر 2016


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *