مفتاح صنعاء

فجر اليوم الأول من شهر اكتوبر الجاري، استهدفت الميليشيات الحوثية سفينة مدنية إماراتية تسمى “سويفت” التابعة لشركة الجرافات البحرية الإماراتية، والتي كانت في إحدى رحلاتها المعتادة من وإلى مدينة عـدن لنقل المساعدات الطبية والإغاثية وإخلاء الجرحى والمصابين المدنيين لاستكمال علاجهم خارج اليمن.

هذا الإعتداء على السفينة الإماراتية من قبل الحوثيين، إستبق تمرين درع الخليج “1”، والذي اعلنت عنه القوات البحرية الملكية السعودية قبل الإعتداء، وقامت به في  في مياه الخليج ومضيق هرمز وبحر عُمان، وهو تمرين كبير شمل “السفن والطائرات ومشاة القوات البحرية ووحدات الأمن البحرية الخاصة”، ولأن الحوثي طرف تابع للأجندة الإيرانية قام بهذا الإعتداء، ثم تبع تمرين درع الخليج تحذير إيراني للسعودية، مهددا المملكة من أن دخول مياه إيران الإقليمية لن يمر دون رد.

ميليشيا الحوثي عادت لتطلق صاروخين بالقرب من مدمرة أمريكية، وهو ما يمثل رسالة إيرانية لواشنطن عبر الحوثيين، جزء منها يستهدف ضغطا أمريكيا على المملكة لإيقاف التمرين البحري، وإستعادة للأسلوب القديم الذي استخدمت فيه إيران حزب الله كأداة لتحقيق المصالح الإيرانية، عبر الضرر الذي يمثله حزب الله وما تعبر عنه طهران من كونها الطرف الوحيد القادر على إيقاف هذا الضرر.

في نفس هذه الأجواء الإقليمية إحتاجت الميليشيات الحوثية، إلى حدث محلي كبير كتفجير مجلس العزاء في صنعاء، لتحقيق أكثر من مكسب، المكسب الأول قمع أي صوت معارض يخرج للساحات عبر مظاهرات “أنا نازل”، والتي تشتكي من الأوضاع الاقتصادية منذ دخول الإنقلابيين لصنعاء، وبالتالي تحقق مكسبا آخرا وهو تحويل الحادث لفرصة تعبوية للجماهير، عبر النفخ في مسألة العدو الذي قتل الأبرياء ووجوب الثأر، وهذا كان واضحا في كلمة عبدالملك الحوثي.

المكسب الثالث هو القفز ولو لبعض الوقت، على الضرر الإقتصادي الذي مثله نقل البنك المركزي إلى عدن، والذي تلاه رفض شركة روسيه لطلب الحوثيين طباعة مبلغ كبير من العملة المحلية.

صالح والذي أشارت تقارير غربية إلى أن نفوذه تراجع كثيرا في صنعاء لصالح الحوثيين، يبدو أنه حاول التكسب من حادثة مجلس العزاء، عبر إطلاق صاروخ سكود توجه إلى منطقة الطائف السعودية، سعيا منه للتعبير للخارج عن كونه رقما صعبا في مستقبل اليمن، بعد أن فشل المجلس السياسي الأعلى في التعبير عن ذلك، مع بقاء السلطات في يد اللجنة الثورية الحوثية التي تم تسلم صلاحياتها للمجلس السياسي.

صالح يدرك أن إستمرار الحوثيين في صنعاء يسحب من نفوذه كل يوم، حيث يرى بأم عينه تمدد الحوثيين في مختلف الأجهزة البيروقراطية والعسكرية، حيث أجبر الحوثيين مسئولي وزارة الداخلية على ضم خمسين ألف عنصرا منهم، وأدخلوا في الجيش ما يزيد على مئة ألف عنصر.

المعطى الأهم في تفجير العزاء، وهو إستهداف المحيط القبلي في الجغرافيا الزيدية، وهي قبائل صنعاء وما حولها، هذه القبائل كما يقال في لغة الإنتخابات لم تحسم أمرها، وقد كان تعيين علي محسن الأحمر كنائب للرئيس مع تغييرات الحكومة الأخرى وعلى رأسها تعيين أحمد بن دغر رئيسا للوزراء، بابا للتواصل بين الشرعية ودول التحالف من جهة وهذه القبائل من جهة أخرى، والتي يربط عدة قبائل منها ،كقبيلة خولان التي استهدف عزائها علاقات طيبة مع السعودية والامارات.

حكمة القبيلة ظهرت حين رفضت اتهام أي طرف حتى إتمام التقرير، وإذا ثبت تورط الحوثيين فإن الطريق لعودة الشرعية إلى صنعاء أصبح قريبا، أما صالح فيبدو من صاروخ سكود الذي استهدف الطائف، أنه يبحث عن أي طرف يعتبره طرفا مؤثرا في مستقبل اليمن، ولكنه لم يستوعب بعد أن حيل الماضي لم تعد تجدي، وقد سميته في مقال سابق ” صالح المنتهي الصلاحيه”.

الموقع الشخصي

الخميس 13 أكتوبر 2016


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *