التاسع من سبتمبر اتفق اليوم والشهر في هذا التاريخ، كذلك حاولت أمريكا وروسيا في ذات اليوم تأكيد إتفاقهما حول سوريا، في الثالث عشر من سبتمبر أصبح الإتفاق مع كيري وليس مع الولايات المتحدة، حيث ظهر خلاف قوي بين البنتاغون وبين جون كيري، هل يصدق الروس أن المؤسسات الأمريكية قد تختلف مما يعقد الحل، قد يعتبرها الروس لعبة أمريكية بحكم أن الريموت كنترول في يد شخص واحد في موسكو.

وزير الدفاع الأمريكي أشتون كارتر و مسؤولين آخرين في البنتاغون اعترضوا على أحد بنود الاتفاق الأولية، الذي ينص على أنه في حال أوقِف إطلاق النار ونجحت تهدئة أعمال العنف لـ 7 أيام في سوريا فعندئذ تلتزم وزارة الدفاع الأميركية بتنفيذ حصتها من الاتفاق في اليوم الثامن، التي تقضي بأن تتعاون مع روسيا تعاوناً فوق العادة يتشارك فيه الجيش الأميركي المعلومات مع موسكو حول أهداف تنظيم داعش في سوريا.

جوش إيرنست، السكرتير الصحفي للبيت الأبيض، قال : “أظن أن لدينا أسباباً تدعونا للتشكك بقدرة الروس أو في رغبتهم الصادقة بتنفيذ الاتفاق حسب الطريقة الموصوف بها”، وأضاف بتشكك: “لكننا سنرى”.، وفي نفس اليوم صرح الجنرال فيليب بريدلوف الذي استقال مؤخراً من منصب قائد أعلى في حلف الناتو،: “إني أظل متشككاً بأي شيء له علاقة بالروس، فهناك أسباب كثيرة تدعونا للقلق من مشاركة معلومات أماكن تموضع قواتنا”.

هل يشك أحد في الروس؟ أعتقد أن السؤال الصحيح من يثق بهم، ليس الأمريكان وحدهم لكن كل مع تعامل مع روسيا حتى من حلفائها يذكر أن الريبة هي سمة العلاقة، ألم يشكك عدة قادة إيرانيين من أهداف روسيا في سوريا، وأنها لا تملك موقفا واضحا من الأسد كموقف طهران.

لماذا يشك البنتاغون فيما يهرول كيري ؟، كيري وكذلك أوباما يهرولان لأي حل في سوريا، على طريقة الاتفاق النووي مع إيران، فهما في الأسابيع الأخيرة لا يفكران إلا بالمذكرات التي سيبدآن بكتابتها العام المقبل، يريدون منجز في مقابل الفشل في عدة ملفات على رأسها السلام بين الإسرائيلين والفلسطينين، والتي سعت روسيا لجمعهم مؤخرا في موسكو، إستكمالا لمناكفة أمريكا وسحب رصيدها في المنطقة بعد تخليها عن ملفات تخصها تاريخيا.

أما البنتاغون فيتشكك في روسيا لأنه يعرف منذ اليوم الأول للتدخل الروسي، بأن روسيا لم تستهدف داعش بأكثر من 10% من ضرباتها الجوية بحد أقصى، وبالتالي لا يريد مشاركة معلومات عن المعارضة السورية المعتدلة حتى لا يسهم ذلك في قصفها من قبل روسيا أو النظام السوري، الروس أيضا يتشككون في الأمريكان بعد قصف التحالف لقوات النظام في دير الزور، وقد قال  مندوب روسيا الدائم لدي الأمم المتحدة السفير فيتالي تشوركين : من الصعب تصديق أن الغارة غير متعمدة.

الخارجية الروسية أخذت خطوة للأمام بالقول “وصلنا الى استنتاج مرعب مفاده أن واشنطن تتواطأ مع داعش”، الضربة من الصعب تصديق أنها خطأ ، أما الغارة فتمت على دفعتين وفي مدى زمني يقارب الأربعين دقيقة، واستهدفت كتيبة المدفعية ومواقع أخرى لقوات النظام، حيث قتلت 83 عنصراً على الأقل من قوات النظام، وجرحت أكثر من 120 آخرين”، إذن هي العصا الأولى منذ إتفاق الدولتين في مقابل الكثير من الجزر.

أمريكا أفشلت جلستين لمجلس الأمن الجمعة والسبت، الأولى لشرعنة الإتفاق بين الطرفين حول سوريا بقرار أممي، والأخرى لبحث قصف التحالف لدير الزور، تركت سامنثا باور سفيرة أمريكا لدى الأمم المتحدة الإجتماع، لتخرج لمخاطبة الصحفيين مبدية استغرابها من إلحاح روسيا على عقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن بعد الغارة الخاطئة على دير الزور، وربما رداً على تهمة دعم داعش، اتهمت باور النظام وروسيا بقتل العشرات من المدنيين من خلال الغارات التي يشنها الطرفان وتستخدم أسلحة محظورة، ولحقها أيضا سفير روسيا للتحدث للصحفيين واتهام امريكا بإفشال الإتفاق.

روسيا اليوم تحتاج الحل أكثر من أمريكا، لأنها لا تريد حلا مع الشيطان الذي تعرفه قبل أن يأتي للبيت الأبيض شيطان لا تعرفه، كما أن الخسائر كبيرة إقتصاديا وبشريا للروس وحلفائهم، حيث تبين أن دعم بشار ثقب أسود مهما أرسلت له من ميليشيات لا ينجح في حسم المعركة، لأن وجوده بعد كل هذا القتل والدمار معاكس للطبيعة، روسيا كسرها كثيرا صمود حلب بعد أن كادت تنتهي من تصميم السور الخارجي ل”سوريا المفيدة”.

كما أن مسئولين عسكريين في أمريكا يدركون أن  المشاركة في غرفة العمليات المشتركة، طعم روسي لتشارك أمريكا في مخطط روسيا لتحويل حلب إلى غروزني جديدة بعد صمودها، مما يرفع الحرج عن روسيا ويوزع الدم بين القبائل، أمريكا وضعت أيضا طعما لروسيا عبر إشتراط دخول المساعدات لحلب قبل القيام بخطوات الإتفاق التاليه.

إنه صراع الضرورة وضيق الوقت بين روسيا وأمريكا، هي علاقة الخيارات المحدودة حيث لا بدائل لروسيا عن التعاون مع أمريكا، ماذا عن خيارات أمريكا ! بالتأكيد ليست محدودة بعد ضربة دير الزور “الخاطئة”.

الموقع الشخصي

19 سبتمبر 2016


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *