لا بد من صنعاء

ذهب وفد الحوثيين وصالح للكويت فقط لإضفاء شيء من الشرعية عليهم، فهم طرف نزاع يريد انتزاع شرعية قانونية دولية عبر المشاركة في المباحثات، لكن فكرة إنجاح الحل السياسي لم تكن واردة إلا بصيغة واحدة يريدونها.
وصيغة الحل السياسي التي أرادوها ارتكزت أيضا على إضفاء شرعية لميليشياتهم، وذلك عبر طلب المشاركة في حكومة مشتركة مع الشرعية، بالتوازي مع السعي للالتفاف على المبادرة الخليجية وقرار الأمم المتحدة ٢٢١٦، وبالتالي عدم الرضوخ لتسليم السلاح الثقيل للدولة، والانسحاب من المدن بل على العكس البقاء متحصنين بالمدنيين.
عادة الاتفاقات السياسية النجاح إذا كان كل طرف مستعداً للتنازل، خصوصا إذا غلب الأطراف مصلحة الوطن على المصالح الشخصية، ناهيك عن كون المصالح تتجاوز المصالح الشخصية إلى مصالح إيرانية، تريد اليمن مسلحا دوما حتى يبقى خنجرا في خاصرة السعودية والخليج بالنتيجة.
وفد الحوثيين – صالح ذهب للكويت لكي يقدم وفد الشرعية وحده التنازلات، أما وفدهم فلم يشعر أنه مضطر لتقديم تنازلات حتى في الحد الأدنى، عبر تسليم الأسرى ومنهم وزير الدفاع وشقيق الرئيس عبدربه منصور هادي، أو أقل من ذلك عبر تسهيل دخول المساعدات الإنسانية إلى مختلف المدن اليمنية.
أما لماذا تعامل الحوثيون بهذه الطريقة، فباعتقادي أن ذلك يعود لقراءتهم للمشهد، حيث اعتبروا عدم تجاوز التحالف لتعز باتجاه الشمال أو الغرب، كذلك توقف التحالف قبل الدخول لصنعاء، إشارة إلى عدم قدرة التحالف على الاستمرار في الحرب، وهناك فرق كبير بين عدم الرغبة وعدم القدرة.
فاليمن يملك ثورة إنسانية كبيرة وموارد بشرية تخوله للتطور والتحول لبلد منتج، خصوصا مع الدعم التنموي الذي وعدت به دول الخليج، لكن ذهنية صالح والميليشيات تريد بقاء اليمن فقيرا مرتهنا للسلاح وللقتال بين أطرافه، ولاستمرار اللعب على المتناقضات، بين الإخوان والحوثيين شمالا وعبر تحريك القاعدة جنوبا، وعبر استغلال الصراعات الإقليمية من خلال التخفي في عباءة الحوثي المدعوم إيرانيا منذ دخول صنعاء في ٢١ سبتمبر ٢٠١٤، والتنكر لأي تحالف معهم حتى إعلان مجلس الحكم المشترك أخيراً.
واستغلال الصراعات الإقليمية عهده الخليجيون من صالح إبان غزو الكويت، وهو ما يحاوله صالح منذ اليوم الأول للانقلاب، حيث حاول إرسال أبو بكر القربي لموسكو ولعدة عواصم غربية لإيجاد دعم يعطل الحل السياسي، بل إن تكرار الرغبة للتواصل مباشرة مع السعودية بدلا من وفد الشرعية، هو مسعى لإظهار الصراع في اليمن كصراع إقليمي، وليس صراعا بين أطراف يمنية.
والنتيجة المستفادة من مفاوضات الكويت وما سبقها من مفاوضات في جنيف، تفيد بأن الطريق الوحيد لحل سياسي في اليمن هو إتمام المعركة العسكرية، وقد قال يوما خالد بحاح على تويتر «لابد من صنعاء ولو طال الزمن»، ورددت حينها بإضافة «لابد من صعدة ولو طال الزمن».

 

صحيفة عكاظ

http://okaz.co/bwKUudJM6

08 أغسطس 2016


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *