كتب الزميل الكاتب خالد السليمان في «عكاظ» مقالا بعنوان «ماكينزي» والفرد السعودي عن ما ذكرته ماكينزي عن ما ستخلقه رؤية 2030 من فرص عمل لستة ملايين سعودي، وعلى المسؤولية المنصبة على الفرد السعودي في تحقيق هذه الرؤية.
وقال الأستاذ خالد في مقاله «الفرد السعودي حتى الآن مجرد متلق، يتلقى ما يرشح من معلومات عن برنامج وخطة التحول الوطني دون أن يكون له رأي في التفاصيل التي تحضر في أروقة مكاتب «ماكينزي» وغيرها من المستشارين، وعندما تقول «ماكينزي» بطريقة ما إن الفرد السعودي هو الذي يتحمل مسؤولية نجاح أو فشل خطة أنتجتها، فإنها أشبه بالتاجر الذي يصنع منتجا ثم يلقي بمسؤولية نجاح أو فشل تسويقه على المستهلك وكأن المستهلك هو الذي اختار مكوناته أو نكهاته أو تغليفه دون أدنى مسؤولية على المُصنع !»
والحقيقة أن كثيرا من الطرح الذي تقدمه المؤسسات الحكومية يتشابه مع ذكرته «ماكينزي» وربما بطريقة أسوأ، حيث إن الرؤية كما عبر عنها عرابها الأمير محمد بن سلمان تتطرق لدور الفرد كعنصر مشارك في الرؤية، ومستفيد من نتائجها على شخصه ووطنه، وكذلك دوره في تحمل الصعوبات الضرورية التي فرضها انخفاض سعر النفط، مما أدى لخفض الدعم عن البنزين والكهرباء وعدة خدمات.
وإذا كان الفرد تعود على هذا الدعم لعقود، فمن الطبيعي أن يسبب هذا التغير اضطرابا له في ميزانيته، ولهذا من الواجب تقدير تفهم جل المجتمع السعودي لصعوبة المرحلة، والتي استوجبت بالضرورة قرارات صعبة، كما أن تعوده لعقود على هذا الدعم ليست مسؤوليته بالطبع.
وبين رؤية القيادة وتفهم الفرد السعودي، نجد العديد من المؤسسات الحكومية في حملاتها الإعلامية، تؤكد على تكثيف فكرة مسؤولية الفرد في ذهنية المتلقي، عبر تأكيد وجود مشكلة وعي لدى الفرد السعودي، وبعيدا عن رفضي دائما لفكرة التعميم، إلا أن هناك بالطبع وعيا متفاوتا بين أبناء كل الشعوب، يختلف بحسب النشأة والتعليم وعدة عوامل، لكنها في الأغلب ليست مسؤولية الفرد وحده.
وحين غضب الكثيرون من وزير الإسكان حين قال إن مشكلة الإسكان هي مشكلة «فكر»، أغضبهم أولا شعور المواطن بأنه الجدار الأقصر الذي ترمى عليه اللائمة، ثانيا إن عنوان المشكلة يجب أن يكون المسبب الحقيقي لها، والفكر إن كان سببا فبالتأكيد ليس السبب الرئيسي، ففكر المواطن لم يترك كل هذه الأراضي البيضاء بلا حلول، ولا فكره الذي دفع إدارات الإسكان المتتالية لا تقدم إلا حلولا عرجاء. خلال الفترات الماضية ظهرت حملات عديدة، تدعو المواطنين للاقتصاد في استهلاك الماء مثلا، وهذه ليست المشكلة فالترشيد أمر مستحب دينيا ودنيويا، ولكن الرسائل كانت تهدف لتكريس فكرة غياب الوعي، وإن ارتفاع فاتورتك دليل غياب وعيك، عوضا عن رسائل تخاطب المواطن كشريك في الوطن، تدعوه للترشيد للحفاظ على موارد وطنه، أو تدعوه للترشيد في الطاقة للحفاظ على البيئة التي سينشأ عليها أبناؤه. المواطن شريك في الوطن وداعم للرؤية التي تجعل وطنه أفضل وأكثر استقلالا، وطن لا يرتهن لأسعار النفط ولا لغيره، وطن يأخذ قراره لحماية أراضيه عسكريا واقتصاديا وسياسيا، الفرد السعودي واع للمخاطر المحيطة، ولا يحتاج من يخاطبه كمذنب وغير واع، بل هو شريك يتحمل الصعاب لأنه وطنه، ويتحمل مسؤوليته لأنه شريك في وطنه وليس جدارا قصيرا لمن ضلوا طريق الإنجاز، أو قصر نظرهم عن فهم الرؤية.

 

صحيفة عكاظ

http://okaz.co/bwKP0dHby

الاثنين 30 مايو 2016


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *