حكومة الرؤية

يوم السبت الماضي صدرت العديد من الأوامر الملكية، والتي مثلت الخطوة الثانية من خطوات رؤية المملكة 2030 التي أعلن عنها سمو ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الشهر الماضي، والتي تأتي قبل أيام من إعلان البرامج التفصيلية للرؤية، وهذه الأوامر الملكية شملت تجديدا في الدماء وكذلك تغييرا في هيكلة الحكومة، وبالتالي دمج بعض القطاعات وفصل أخرى بما يتماشى مع الرؤية.
وبداية، يجب أن نشكر من تركوا مناصبهم بعد أن قدموا الكثير، وعلى رأسهم وزير البترول السابق د.علي النعيمي والذي أدار الوزارة لأكثر من عقدين، وقد ترجل عن الوزارة ليكون مستشارا في الديوان الملكي، كما أن خلفه شخصية ناجحة مشهود لها في إدارة أرامكو، فالدكتور خالد الفالح وزير البترول الجديد والذي تم تعديل مسمى وزارته لتصبح وزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية، موكل إليه إحدى أهم الوزارات في التغيير الجديد، حيث يعول عليه كثيرا فيما طرح في مشروع الرؤية حول خفض اعتماد اقتصاد المملكة على النفط، بالتوازي مع الإفادة من ثروات المملكة المعدنية وغير المستغلة بالشكل الأمثل، بالإضافة إلى الصناعة التي تعقد عليها الآمال لتحقق موردا كبيرا للمملكة عبر الصادرات غير النفطية. من الأشخاص الذين يجب شكرهم أيضا الدكتور فهد بن عبدالله المبارك، المحافظ السابق لمؤسسة النقد العربي السعودي، وهي المؤسسة العريقة والتي يعود تاريخ إنشائها إلى العام 1952، والذي كان له جهد كبير في إيقاف تجاهل بعض المصارف لعقوبات المؤسسة غير المؤذية، عبر تطوير نظام عقوبات تصاعدي مثل رادعا للمصاريف غير الملتزمة، وكان له مشروع ناجح على مستوى سعودة القيادات في المصارف على مراحل، وصولا إلى مرحلة السعودة الكاملة للمناصب التنفيذية للمصارف.
خلف الدكتور المبارك في منصبه الدكتور أحمد الخليفي، وهو اقتصادي عريق عمل كباحث اقتصادي في وزارة البترول من العام 1993 ولمدة عامين، ثم شغل منصب رئيس قطاع النقود والبنوك بمؤسسة النقد العربي السعودي العام 2001، قبل أن يشغل منصب مدير إدارة الأبحاث الاقتصادية بالمؤسسة، ثم مساعد مدير إدارة الأبحاث الاقتصادية والإحصاء والتي أصبح مديرا لها لاحقا، وصولا إلى تعيينه وكيل المحافظ للأبحاث والشؤون القانونية بالمؤسسة منذ العام 2013.
وكان لافتا استحداث هيئة للترفية كسابقة من نوعها، بالإضافة لهيئة للثقافة تابعة لوزارة الثقافة، وينم ذلك عن إدراك بالغ بأن الثقافة والترفيه لم يعودا ترفا، وبالتالي تسعى المملكة من رؤيتها في هذا الملف، على الاستفادة مما تملكه من الآثار، وما تنوي القيام به من متاحف، بالإضافة إلى إزالة العوائق البيروقراطية في مجالات الترفيه، سواء كانت مسارح أو ربما دور سينما، وبالتالي الحد من الهروب الكبير الذي يصاحب كل عطله إلى دول الجوار. والحقيقة أن التحدي كبير في ملف الترفيه والذي أوكل للدكتور أحمد الخطيب، والتحدي ليس محصورا في التحديات الأيديولوجية أو الاجتماعية، بل أراه تحديا كبيرا في مستوى الإجراءات البيروقراطية التي أثرت على الطبقات المتوسطة وما دونها، وأدت إلى أن تكون المنتجات الترفيهية المتاحة في المملكة أغلى من مثيلاتها في دول الجوار، وفرق الأسعار المبالغ فيه يعرفه من يزور المنتجعات الساحلية في شرق المملكة أو غربها، وهو ما ينطبق أيضا على المنتجعات الصيفية في جنوب المملكة.
ختاما، يعول كثيرا على شخصيات ناجحة في عملها السابق، أمثال د. توفيق الربيعة في الصحة، ود. ماجد القصبي في وزارة التجارة والاستثمار، والأستاذ سليمان الحمدان في وزارة النقل، بالإضافة إلى الوزير الفالح وباقي المعينين لكي يكونوا على مستوى الطموح الذي يحمله السعوديون لرؤية المملكة 2030، ويجب أن تتواكب الرؤية مع استمرار كل عمل جيد لمسؤول سابق، والوقوف بحزم ضد كل ترهل أصاب الأجهزة الحكومية على مستوى الأشخاص أو القوانين، فهذه التغييرات تمثل حقنا للدماء وهم مسؤولون عن دفع تلك الدماء لتصل إلى مفاصل كل الإدارات.

 

صحيفة عكاظ

http://okaz.co/bwKPFdGjR

الاثنثن 29 مايو 2016


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *