دعك مما سيقوله السعوديون أو الخليجيون ودعني أضع نفسي في مكان محلل سياسي أمريكي لسياساتك الخارجية من ناحية المصالح الأمريكية، وبحسب لقائك مع جيفري جولدبرغ، فيبدو أن روسيا هي حليفك الوحيد، على الأقل يبدو أن بوتين هو الذي أوجد لك المخرج من الخط الأحمر الذي وضعته إذا ما استخدم بشار الأسد البراميل المتفجرة، وهنا كان الخط الأحمر سخيفا، فهل يفرق عند الميت كيف مات؟ هناك آلة قتل مستمرة أنت وحليفك الروسي وإيران التي سآتي عليها لاحقا مسؤولون عن كل قطرة دم نزفها الشعب السوري، مسؤولون عنها بما فعلتموه وما أحجمتم عن فعله.
دعك من العرب مجددا، ماذا فعلت في أوكرانيا حين تحرك بوتين بجدية لحماية مصالح روسيا ونصرة لحلفائه، هل نصرت أنت حلفاءك في أوكرانيا؟ هل تعتقد أن بعض عقوبات ضد روسيا ستلجم طموحات بوتين؟ الحقيقة أن العقوبات أذته كما قال في حوار معه أجرته مجلة بيلد الألمانية لكنها لم تثنه، الأسوأ ليس هنا بل عبر الصفقات الكثيرة التي أبرمها مع حلفاء الأمس في مصر والخليج، وحتى مع المنضمة حديثا لنادي حلفائكم «إيران»، ناهيك عن حق إدارة وتملك وتسويق سوريا كأرض عقار مملوكة لروسيا.
وطالما أننا ذكرنا إيران فيجدر التساؤل، عن مدى الكرامة التي شعر بها كل بحار أمريكي كان محتجزا من إيران قبل ساعات من خطابك الذي أوردت فيه الثناء على الاتفاق النووي كمنجز، بالمناسبة ألا يذكرك إلغاء فقرة من خطاب قبل إلقائه بدقائق بأمر آخر؟ ألم تكن تنوي أن تثني على زين العابدين بن علي في خطاب وذكرت حسنات إدارته لتونس وحقوق المرأة هناك! ألم تقل أنت بنفسك أنك أخطأت حين اعتقدت أن بشار سيسقط بسرعة نظام مبارك! ألا تعرف سيدي الرئيس أن بشار فتح الحدود مع العراق في ٢٠٠٣ وفتح السجون ومرر كل الإرهابيين لقتل الجنود الأمريكيين، لأنه أدرك أن بوش لو انتهى من العراق سيلتفت لسوريا مباشرة، وكان يعرف كمية الكره في مكتب نائب الرئيس ديك تشيني آنذاك، والذي كان يسمي سوريا دولة مارقة.
أما أنت فسحبت الجنود من العراق في ٢٠١١، حين رفض المالكي الحصانة القضائية لجنودك إذا بقوا، لتكون مرتعا لداعش مما يجبرك للعودة لاحقا لإرسال خبراء، ثم المشاركة مباشرة على الأرض في معارك الرمادي، بل والطلب من البريطانيين المشاركة في معركة تحرير سنجار، ثم أليس هذا المالكي الذي أبقيته برغم فوز علاوي من أجل عيون إيران، التي خاطبت شعبها ونظامها منذ أول عيد نيروز وأنت في البيت الأبيض، أعتقد أن علاقتك مع إيران معقدة complicated وليس مع السعودية كما قلت.
كيف تنظر للانتخابات الإيرانية؟ يبدو أن الإيرانيين أصبحوا أكثر انفتاحا بعد الاتفاق النووي، فقد انتخبوا الإصلاحيين أو ما بقي منهم على القوائم بعد تصفية خامنئي، أين خاتمي منذ انتهت الانتخابات؟ إنه قيد الإقامة الجبرية، ماذا سيحصل لرفسنجاني وباقي زعماء الإصلاح، هل ستحميهم؟ أشك.
هل تغير الشعب الإيراني وأصبح تواقا للانفتاح؟ نعم ولكن ما الجديد فالشعب الإيراني بالفعل تواق للانفتاح، فقد خرج للشوارع بعد تزوير الانتخابات في ٢٠٠٩، وقمع بأبشع الصور وسط صمت كبير منك، ماذا عن سلوك النظام بعد الاتفاق؟ هل تغير؟ يبدو أنه أصبح مسالما فعلا ولا داعي للحديث عن التدخلات في المنطقة، يكفي القول إن تجارب الصواريخ البالستية مستمرة، بل كادت تصيب إحداها قطعة بحرية أمريكية في الخليج، ادعيت أن لديك إستراتيجية لدمج إيران في المنظومة العالمية عبر الاتفاق النووي، وأعتقد بحسب «عقيدة أوباما» أن لا إستراتيجية لديك للتعامل مع عدم انصياع إيران لذلك، عندها ستكون قويت نظاما يقهر كل شعبه وليس نصفه كما وصفت السعودية. يبقى الأسوأ أن لا تلتزم حتى بالجانب النووي من الاتفاق كما صرحت قيادات إيرانية مؤخرا.
ولنذهب إلى أفريقيا قليلا، تونس رفضت أن يكون لأمريكا قاعدة فيها بعد تهديد الجزائر لها، هل ستترك أفريقيا بقاعدة واحدة في جيبوتي؟ بالمناسبة سيكون بجوارك في جيبوتي قاعدة صينية قريبا، مما يعني أن الصينيين وعلى أكثر من مسار يقتربون منك، بدلا من أن تتكلف عناء الذهاب لهم في وسط وشرق آسيا، كما قلت في إستراتيجيتك.
ودعنا ننطلق من نقطة القواعد العسكرية وحماية المصالح الأمريكية، لما حصل في القنصلية الليبية في بنغازي، هل من قتلوا من مواطنين أمريكان حركت لهم أسطول أمريكا كما تقول الصفحة الأولى من جوازات سفرهم، أم أنك تنوي تخليد اسمك في التاريخ كأول رئيس لا يتخلى عن حلفائه فقط بل عن مواطنيه أيضا، ولا داعي للحديث عن القضاء على الإرهاب في ليبيا أو أي سيناريو لمستقبل ليبيا، لأنه يتضح أنك في ليبيا وفي أغلب الأماكن الأخرى لم يكن هناك إستراتيجية، وهذه تحديدا هي مشكلة عقيدتك.
بعيدا عن الشرق الأوسط، من بقي من الحلفاء يثق بأمريكا في عهدك؟ بريطانيا وفرنسا قلت ما يكفي عنهما في لقائك، ولم يكونوا حلفاء راسخين كالمعتاد، السيدة ميركل في ألمانيا ظهر أنك تتجسس عليها وكذلك فعلت مع اليابان، ماذا عن ردع كوريا الشمالية التي تطورت قدراتها العسكرية في عهدك كثيرا، وطوروا قنبلة هيدروجينية، أم أن تقديرك للموقف كان كأجهزة رصد الزلازل والتي ظنته زلزالا قبل أن تعلن كوريا، كم من الخذلان بقي لحلفاء أمريكا في الشرق الأقصى لو بقيت أكثر في المكتب البيضاوي.
العقيدة السياسية لا تكون ضبابية وملتبسة إلى هذا الحد، لأنها حينذاك ستمنع من الرؤية.
صحيفة عكاظ
http://okaz.co/bwKMDdD9M
الإثنين 21 مارس 2016
اترك تعليقاً