في أغسطس 2009 طلب رئيس تحرير مجلة المصور من أحمد أبو الغيط أن يكتب مقالا في المجلة، وكتب وزير الخارجية المصري آنذاك ثلاثة محاور للأمن القومي المصري، ثم تناول محاور الأمن القومي والبعد الإقليمي، ويأتي من خلال هذا المقال وما توسع فيه لاحقا عبر كتاب «شهادتي السياسة الخارجية المصرية 2004-2011» ليمثل رؤية أحمد أبو الغيط أمين الجامعة العربية الجديد للعديد من الملفات العربية.
وقد قال أبو الغيط عن المقال: «هكذا كان مقال المصور.. الذي تضمن القواعد والخطوط الحاكمة لتفكيري في مسائل السياسة الخارجية، وعلاقتها بالداخل المصري بكل متطلباته في جميع مجالات ومناحي الحياة.. وخلال سنوات سبقت 25 يناير 2011»، حتى يصل في حديثه لنقطة واقعية وصادقة يقول فيها: «ومن جاني لم أكن أرغب في الادعاء بإعادة اختراع العجلة – على حد قول المثل الأنجلوساكسوني – إذ أن اتجاهات الحركة كانت محددة سلفا طبقا للتاريخ والجغرافيا والثقافة المصرية.. وقمنا بكل ما هو مطلوب.. في إطار الإمكانات المتاحة ودون إهدار أو إجهاض لجهد… كان هناك اقتناع ولا يزال بأن إسرائيل تمثل تهديدا دائما لحين التوصل إلى تسوية عادلة للقضية الفلسطينية.. ومقال مجلة المصور شاهد على ذلك.
هذه مقتطفات من حديث الرجل عن نفسه، وما يعتبره رؤيته للأمن القومي المصري والعربي، وقد ذكر في فصول كتابه الثلاثة عشر العديد من الرؤى، تعكس ما يراه من تهديد إيراني لمنظومة الدولة الوطنية في العالم العربي، وأهمية العلاقة المصرية الخليجية حيث ينعكس على مصر ما يضر الخليج والعكس كذلك، و ما يراه من أهمية الحفاظ على المرور الآمن للسفن من مضيق باب المندب، وهي مسألة تهم بشكل مباشر السعودية ومصر، وكذلك جيبوتي والصومال واليمن والسودان، صحيح أن الهاجس في 2009 كان القراصنة، ولكن اليوم مثل قراصنة صعدة تهديد أكبر.
يتولى أحمد أبو الغيط مسؤولياته كأمين لجامعة الدول العربية، في لحظة فارقة من تاريخ العالم العربي، ليس من قبيل المشكلات فهي ضيف دائم في المنطقة، بل من جهة استعادة فكرة العمل العربي والإسلامي المشترك، فكرة تؤسس لها السعودية عبر فكرة الاتحاد والتحديات المشتركة، عوضا عن فكرة التفرد بالقيادة، التي استهلكت كثيرا من جهد ومقدرات العالم العربي من الستينات، وتركت عظيم الأذى على التنمية، وبالطبع فالعمل العربي والإسلامي المشترك ظهرت ملاحمه في عدة مواطن في عاصفة الحزم وفي التحالف الإسلامي المناهض للإرهاب، وصولا إلى تدريبات رعد الشمال مؤخرا.
صحيح أن مهمات الأمين العام للجامعة تبقى مقيدة بالدول الأعضاء، إلا أن الجامعة تحتاج أن تكون على مستوى المرحلة وتنفض عنها غبار سنوات طويلة، لتواجه تحدي الإرهاب وتحدي تماسك الدول الوطنية أمام مشاريع التقسيم خصوصا في سورية والعراق وليبيا، وهذا لا يأتي إلا بتعاضد الدول العربية حول المخاطر المشتركة.
كما أن المرحلة التي يأتي فيها أبو الغيط، تشمل سقوط كثير من الكذبات والأقنعة، عن أنظمة قتلت شعبها باسم القضية الفلسطينية وكذبة المقاومة، بل مرحلة تسمي فيها الجامعة العربية حزب الله كحركة إرهابية، كإعلان نهاية لمحاباة أطراف أو تنظيمات لديهم ولاءات غير وطنية ويتجارون بالشعارات.
ختاما، كان لافتا أن أكثر من أغاظهم تولي الديبلوماسي المحنك أبوالغيط منصبه، هم من الحركيين الإسلامين وخصوصا من حركة الإخوان المسلمين، والذين توقفوا ذهنيا عند العام 2011 قبل أن يذبل الربيع، هؤلاء هم من يغضبون لصور قادة السعودية ومصر وقطر والإمارات معا، أفكارهم في الماضي تجعلهم يحبذون الفرقة ما دامت تخدم مشروعهم المناهض للدولة الوطنية، عوضا عن التكامل العربي وتجاوز الخلافات، أغضبتهم صور القادة مجتمعين في رعد الشمال، وأغضبهم لطف الشيخ محمد بن زايد مع الملك سلمان، وأنا سعيد لأنهم غضبوا متمنيا لأحمد أبوالغيط كل التوفيق في جمع كلمة العرب والنهوض بجامعتهم.
صحيفة عكاظ
http://okaz.co/bwKMwdDRe
14 مارس 2016
اترك تعليقاً