مع اقتراب شهر حزيران (يونيو) عادةً ما يشتد الحديث عن مشكلة الكهرباء في مصر، ولاسيما مع درجات الحرارة المرتفعة، التي تزداد في كل عام عن العام الذي يسبقه، كما أن شهر يونيو وكذلك شهر كانون الثاني (يناير) يرتبطان بالترقب الأمني؛ نتيجة لدعوات التظاهر «غير السلمي أحياناً»، التي عادة ما تدعو لها أطراف عدة يومي 25 من يناير والـ30 من يونيو كل عام.
اليوم، الحديث شديد الحرارة في مصر، ولكن ليس عن الطقس، بل عن الصفحة الأولى لصحيفة الشروق يوم الإثنين الماضي، والذي حمل مانشيتا يقول: «من النظام لشفيق («لا عودة ولا سياسة» ولأعوانه «أتلموا»)، وشمل الموضوع تهديداً صريحاً لشفيق؛ بأنه ممنوع من ممارسة السياسة أو العودة إلى مصر، وأنه لا يتوقع رفع اسم الفريق من قوائم الترقب والوصول، على رغم براءته في إحدى القضيتين المنسوبتين إليه، والأخرى حكم فيها ببطلان قرار الإحالة من قاضي التحقيق.
ورد على ذلك نائب رئيس حزب الحركة الوطنية المستشار يحيى قدري، الذي يترأسه الفريق أحمد شفيق، قائلاً: «إن ما ورد من أنباء عن رغبة الفريق في العودة من جديد للساحة السياسية في مصر هو أمر غير صحيح على الإطلاق»، وأفاد أشخاص عدة مقربون من شفيق، منهم مصطفى بكري، بأن هناك فئات ترغب في الإيحاء بوجود خصومة بين الرئيس السيسي والفريق شفيق.
أنا لم أتوقف عند موضوع «الشروق»، الذي عزت كلَّ ما فيه من تفاصيل إلى «مصدر سياسي رفيع»، ولا إلى رد مؤيدي شفيق بإنكارهم صحة ما حدث، وبراءتهم إلى الله من أن يكونوا يعملون ضد شرعية السيسي، ولكني توقفت عند اختيار صحيفة خاصة؛ لإرسال رسالة من «مصدر سياسي رفيع» إلى أنصار مرشح رئاسي سابق، والسؤال الآخر: أي تحركات قام بها شفيق لتعنون «الشروق» في صفحة داخلية: «الدولة ترد على تحركات شفيق (المريبة): انسَ»
استخدام صحيفة جادة مثل «الشروق»؛ لتمرير رسالة إلى شفيق وأعوانه، دلالة على جدية هذه الرسالة، وأحياناً ما يكون استخدام الإعلام الخاص والجاد في مصر، دلالة الحزم الذي تحمله هذه الرسالة، والتي تتجاوز أحياناً المبعوثين الشخصيين، كما أن توقيت الرسالة مع اقتراب 30 يونيو، يجعل الربط بين الأمرين أمراً جلياً.
معتز بالله عبدالفتاح كتب مقالةً في صحيفة «الوطن» قبل يوم واحد من موضوع «الشروق»، بعنوان: «الرئيس السيسي إصدار 2.0»، مورداً مقتطفات من لقائه بالرئيس السيسي حملت رسائل لأكثر من طرف، إذ قال: «تحدث السيسي عن صدمته من بعض السياسيين الذين لا يدركون حرج المرحلة ويبحثون عن مصالح شخصية ضيقة جداً في ظروف صعبة جداً، وتقديره للأداء السياسي لإخوان تونس أثناء الثورة التونسية؛ لأنهم استوعبوا حرج المرحلة التي تمر بها بلادهم، وكيف أنهم بنوا إستراتيجيتهم على التكامل مع الغير، وليس الاستحواذ على السلطة».
وأورد كذلك لومه للنخبة السياسية، وحمل شح الكوادر الوطنية غير المحسوبة على طرف إلى فترة حكم مبارك، وربما هذا ما يفسر الاعتماد على الجيش في المشاريع، إذ أثبت الجيش أنه أكثر المؤسسات التي يتسم أفرادها بالوطنية ومرجع ذلك عقيدة الجيش، كما وبدا أنه يرحب بنسخة مطورة من الإخوان، لا تتبنى مبدأ «نحكم أو نحرق البلد»، يقودها شباب من الإخوان ببرجماتية إخوان تونس، يتقاسمون السلطة ولا يهشمون الوطن».
رئيس تحرير «الشروق» عماد الدين حسين لم يبخل على أي قناة فضائية بالتعليق، مؤكداً أنه تحقق من مصادر عدة في الدولة، وكتب مقالة بعنوان: «الفريق شفيق والمصادر المجهولة»، مؤكداً أنه من الطبيعي في هذه الحالات أن لا يتمكن من ذكر المصادر، مستشهداً بفضيحة «ووترجيت»، التي أسقطت الرئيس ريتشارد نيكسون، وأن الصحافي حينها استعاظ عن تسمية مصدرة بالاسم المستعار «الحنجرة العميقة»، وبين الدولة العميقة والحنجرة العميقة تتطلع مصر إلى المستقبل.
صحيفة الحياة
http://alhayat.com/Opinion/Abdulrahmaan-Al-Toriri/9374227/
الأثنين 1 يونيو 2015
اترك تعليقاً