منذ أن بدأت «عاصفة الحزم»، والجهد الإعلامي الرسمي مميز؛ للتحذير من أخطاء الماضي، ومن أهمها تصوير وثائق رسمية وتناقلها عبر شبكات التواصل الاجتماعي، كما أن المؤتمر الصحافي اليومي، الذي يقدم من خلاله العميد أحمد حسن عسيري إيجاز عن عاصفة الحزم، أدى إلى تقديم المعلومة الدقيقة وانحسار الإشاعات، وكذلك منح الإعلاميين فرصة التواصل المباشر مع مصدر المعلومة.
الإعلام على الطرف الآخر لم يكن كثير منه على مستوى الحدث، ولاسيما بعض الأسئلة التي كانت تطرح في الإيجاز اليومي لقوات التحالف، كما أن الحال العامة للإعلام لم تواكب حالة الحرب، فعلى رغم أننا -ولله الحمد- ننعم في أمن وآمان، إلا أن دور الإعلام أقل من المتوقع في ما يخص مواكبة حدث المعركة.
خلال الأسبوع الماضي وعبر لقاءين إعلاميين، كان هناك نقاش حول الروح المعنوية المرتفعة للسعوديين والعرب عموماً صبيحة الخميس، مع بدء عمليات عاصفة الحزم ، وهل للإعلام دور في هذه الروح المعنوية، أم أن المعركة وحدها من صنعت الروح والإعلام لم يكن له دور في ذلك.
وقد أجمعت الغالبية على أن دور الإعلام كان دون المأمول، وقد عزا بعضهم ذلك إلى عدم وجود إعلاميين متخصصين، فليس لدينا صحافيون متخصصون في الشأن العسكري، وهذا الموضوع طرح أيضاً في مؤتمر الإعلام النفطي الشهر الماضي، حين دعا الوزير علي النعيمي إلى ضرورة وجود صحافيين متخصصين في هذا الشأن، فمن غير المنطقي ألا يكون هناك صحافي متخصص في الشأن النفطي في كل مؤسسة إعلامية، في بلد من أكبر مصدري النفط في العالم.
وحتى لا نقسو على أنفسنا كإعلاميين كثيراً، فلا بد من الإشارة إلى أن جزءاً من عدم وجود الصحافي المتخصص في المواضيع الحساسة كالنفط والأمن، هو عدم ثقة من المسؤول في الصحافي، وهذا أمر يستحق جهداً من الطرفين، بحيث يقدم المسؤول المعلومة حتى لا تستبدل بالإشاعات، ويلتزم الصحافي بأمانة النقل.
ولأننا في زمن المواطن الصحافي، فكان لا بد من متابعة عاصفة الحزم على الشبكات الاجتماعية، والراصد لها سيجد بعض الأصوات الراديكالية، التي تعاطت مع الحرب كحرب بين يزيد ومعاوية، وهذا سقوط في الوحل الطائفي الذي تسبح به إيران، وتتعفف السعودية عنه.
هم لا يدركون أن «عاصفة الحزم» هي حرب سياسية، تطمح من خلالها دول التحالف لحماية الشعب اليمني من ميليشيات الحوثي وصالح، وحماية أمنها الإقليمي وتقديم خدمة للعالم أجمع، عبر ضمان سلامة انتقال النفط عبر مضيق باب المندب، وهو ما يحافظ على استقرار أسواق النفط.
هذا الطرح الطائفي يتناسى أن في السعودية وفي بعض دول التحالف، مواطنين شيعة هم شركاء في الوطن، ومثل هذا الطرح إخلال خطير في الوطنية وتنفير للأقليات، وخطر أيضاً على أمن الوطن.
من الجانب الآخر لم تكن فرصة «عاصفة الحزم» لتغيب عن الأصوات الإخوانية، التي أرادت اللعب على نبرة أن مصر ليست جادة في مشاركتها فيها، استمرارا لمسلسل محاولة زعزعة العلاقات المصرية-الخليجية، وترافق هذا الطرح مع محاولة تسويق تركيا كبديل عن مصر.
وتم التطبيل كثيراً لكلمات تركيا المنتقدة للتدخل الإيراني، وتم الصمت عن استمرار الزيارات المجدولة بين تركيا وإيران، نظرية البديل هذه مشكلة ذهنية عند الحركيين لدى فهمهم للسياسة، فالسعودية مثلاً حين تملك علاقات جيدة مع الجزائر لا تستبدلها بعلاقاتها مع المغرب، وحين تتحسن العلاقة مع قطر فهذا ليس بديلاً عن العلاقة مع الإمارات.
إن «عاصفة الحزم» علامة فارقة في تاريخ المنطقة، تدعو إلى التوحد بين العرب وتقديم المصالح المشتركة، فيجب ألا تتسع لحديث حزبي أو طائفي، وإن وجد فيبقى الحزم عنوان العاصفة.
صحيفة الحياة
http://alhayat.com/Opinion/Abdulrahmaan-Al-Toriri/8413466
الاثنين 6 أبريل 2015
اترك تعليقاً