لا شك أننا في صباح اليوم الـ26 من آذار ( مارس) الجاري، يكون الحزم مرادفاً للخير للأمتين العربية والإسلامية، حيث وجه جنود القوات الجوية السعودية البواسل ضربات موجعة لحلفاء إيران في اليمن.
السعودية ليست دولة طالبة للعنف، وهي دولة دائماً ما تتعامل بحسب المواثيق الدولية، ودائماً ما تحترم سيادة الدول، ولم تكن يوماً نصيراً لفصيل أو طائفة في أي دولة عربية بما فيها اليمن، ولهذا سعت منذ انطلاق ثورة الشباب اليمني في ٢٠١١، إلى إيجاد حل سلمي يحقن دماء اليمنيين؛ فقدمت المبادرة الخليجية ودعت اليمنيين إلى الحوار على شكل مستقبل اليمن الذي يريدون، وحتى بعد أن اغترَّ الحوثيون بقدراتهم العسكرية، ولاسيما بعد تحالفهم مع علي عبدالله صالح؛ وأجبروا الرئيس هادي وبقية الفرقاء على التوقيع على اتفاق السلم والشراكة، خرج مجلس الوزراء السعودي برئاسة الأمير سلمان ولي العهد آنذاك، ليرحب بأي اتفاق يضمن وحدة اليمنيين.
بالطبع كان اتفاق السلم والشراكة مدخلاً للحوثيين؛ لإسقاط المبادرة الخليجية لا أكثر، تبين ذلك عبر تلكؤهم في توقيع الملحق الأمني لاتفاق السلم والشراكة، ثم عدم تطبيق بنوده التي تنص على الانسحاب العسكري من صعده وعمران وبقية المحافظات اليمنية، وإعادة ما سرقته من معدات الجيش اليمني.
العالم أجمع أن الشرعية الباقية في اليمن هي شرعية الرئيس عبدربه منصور هادي، ولكنَّ الحوثيين لم يفهموا يوماً القانون الدولي ولا المواثيق الدولية، وهذه طبيعة الميليشيات، ولهذا كان التحرك السعودي عبر “عاصفة الحزم”، هو تحركاً باللغة التي يفهمها الحوثيون، وتم أيضاً، بعد طلب رسمي من الرئيس الشرعي لإنقاذ اليمن من براثن الاحتلال الإيراني.
التحرك السعودي أتى بعد أن استنفذت المملكة كل السبل الديبلوماسية والسياسية، وأتى أيضاً بمشروعية التحالف الخليجي والعربي، حيث كان تنسيق الخليجيين واضحاً قبل خمسة أيام في لقائهم في قصر العوجا، وربما فسرت “عاصفة الحزم” الحراك الديبلوماسي الكبير في الرياض، وهو ما أدى إلى مشاركة مصرية-أردنية-سودانية، وأضافت إليها باكستان بُعداً إسلامياً.
السعودية وحلفاؤها الخليجيون يؤسسون لمرحلة جديدة في أمن المنطقة، تؤكد قدرة هذه الدول مجتمعة على حماية أراضيها، وحماية مصالحها وعمقها العربي، ويؤكدون مرة أخرى أن الأقوياء لا يحتاجون إلى كثرة البيانات، فالخليجيون يتقنون الفعل والفعل الموجع فقط.
الآن بعد أن دمرت المقاتلات السعودية القدرة الجوية لطائرات الجيش اليمني، التابعة للواءات الجيش الموالية لصالح والحوثيين، والتي قامت بقصف قصر الرئاسة في عدن قبل أيام، ثم تدمير صواريخ سام ومقار عسكرية عدة للحوثيين، وهو ما حيَّد الجو اليمني الذي كانت المؤشرات تدل أنه سيكون أداة للحوثيين؛ لإكمال الاحتلال الإيراني مدن الجنوب اليمني.
وزير الدفاع السعودي الأمير محمد بن سلمان حذَّر أحمد بن علي عبدالله صالح من الدخول في عدن، ولكن يبدو أن الحوثيين وصالح أساءوا إدراك أن الحزم هو رد الحليم إذا غضب، وما مشاركة خالد بن سلمان في القوات المشاركة في “عاصفة الحزم” إلا دليلاً على أن دم الشعب السعودي واحد.
بعد الضربات الجوية بدأت الأسئلة حول التدخل البري لقوات التحالف، والحقيقة أن الإجابة في نظري لدى صالح والحوثيين، فإن هم قبلوا بالحوار والمشاركة في اليمن وأبعدوا منطق العنف المسلح، فهذا ما يرجوه الجميع، وليس منا طُلاب دم، وإن أصروا على العنف، كما اعتادوا؛ فأعتقد أن التدخل البري حاصل لا محالة، وإن لم يكن بشكل كبير، إذ هناك يمنيون وطنيون، تملكهم الإحباط من تمدد الحوثي، وأعادت لهم “عاصفة الحزم” الأمل في استعادة يمنهم العربي.
تمرين “الصمصام” الذي تقوم به قوات سعودية وباكستانية، والمعني بحرب الجبال، هو تأكيد على أن التحالف ورأس حربته السعودية، سيذهبون في إنقاذ اليمن إلى أبعد مدى، وأن آذانهم لم تصم يوماً عن نداءات اليمنيين لمساعدتهم، بالسبل الديبلوماسية سابقاً وبالسبل العسكرية اليوم.
صحيفة الحياة
http://alhayat.com/Opinion/Abdulrahmaan-Al-Toriri/8263482
الجمعة 27 مارس 2015م
اترك تعليقاً