مع اقتراب إتمام الاتفاق النووي بين دول (5+1) وإيران، وإنهاء أعوام «العشق الممنوع» بين إيران وأميركا، والتي مرت بتقارب سري في وقت ريغان، وعلى استحياء في وقت بيل كلينتون، ثم بشكل علني في فترة باراك أوباما، يبدو أن قدر إيران ألا يخلو العرس من منغصات.
المنغصات الكلامية أتت من نتنياهو وحديثه للكونغرس، وما أتبعه من خطاب مفتوح للقيادة الإيرانية من 47 نائباً أميركياً، يهددون إيران بأن اتفاقها مع أوباما سيمسح بجرة قلم، بمجرد وصول رئيس جمهوري العام المقبل إلى البيت الأبيض، وأضف إلى ذلك المخاوف المعلنة للفرنسيين تجاه جدية إيران تجاه شروط الاتفاق النووي، ناهيك عن القلق الفرنسي من التنازلات المتتالية من الإدارة الأميركية بغية الخروج باتفاق وبأي ثمن.
وقدر إيران أن تكون المملكة والعمق العربي لدول الخليج غصة في حلقها، وكانت أول الأخبار السيئة لإيران هو الانخفاض الكبير لأسعار النفط، وتمسك المملكة بعدم خفض إنتاج أوبك، والذي كان له عميق الأثر في الاقتصاد الإيراني، ولاسيما مع طول أمد الصراع في سورية، والحاجة إلى تمويل وتسليح الميليشيات الشيعية وحزب الله لإسناد ما بقي من نظام بشار الأسد.
بل وكانت الحاجة الضرورية لإيران، بالحفاظ على ما بقي من العراق خارج نطاق «داعش» مهماً، وقد كان ضرورياً لذلك من النظام العراقي أن يدفع فاتورة الخبراء الأميركان والتسليح الباهظ لحماية بغداد، وبالطبع كانت الكلفة التي تدفعها الحكومة العراقية إلى «داعش» والتي يقدرها وزير المالية العراقي هوشيار زيباري، بـ23 في المئة من الموازنة العراقية هذا العام، على حساب ما كان يدفعه المالكي لمنع نظام بشار الأسد من الانهيار، وبالطبع زاد الطين بله تأثير انخفاض أسعار النفط في موازنة العراق.
الصدمة الثانية التي سببها الخليجيون لإيران، هو توقف تمدد الحوثي وانقلابه على اليمن، عبر عملية إنقاذ الرئيس عبدربه منصور هادي ونقله إلى عدن، الحوثيون وعلي عبدالله صالح لم ينجحوا أيضاً في الوصول إلى مأرب وبقية المناطق النفطية، ولهذا يحاولون بشكل حثيث الوصول إلى الحديدة؛ لإيجاد منفذ على الساحل يسمح باستقبال المدد الإيراني، ويقرب الوصول إلى مضيق باب المندب، بحثاً عن دور يشبه ما كان يقوم به القراصنة الصوماليون، ويكون ورقة مفاوضات بيد إيران.
من هنا تأتي رمزية إظهار الجنرال قاسم سليماني في تكريت، حيث قبر صدام حسين، وهنا تظهر حماقة الغرب الذي لا يدرك أن هذا اللعب على الوتر الطائفي، هو التربة المثلى لجعل المدن السنية حاضنة للإرهاب؛ لأن الإرهاب ببساطة يكون أهون من هدر الكرامة الذي تمارسه طائفية الحشد الشعبي.
وجود لغة مثل لغة المالكي الذي دخلت «داعش» العراق في عهده، وقد كان قبلها يتكلم عن أن المظاهرات في الفلوجة والأنبار، ليست إلا صراعاً بين أبناء يزيد وأبناء الحسين، هذه اللغة الطائفية المقيتة هي التي أعادت الأميركان إلى الوحل في العراق، بعد أن كان أوباما يفخر بسحب الجنود من العراق في 2011.
التصريحات اليوم عن إمبراطورية إيرانية لا يغيب عنها الرجس، وعن أربع عواصم تدين لطهران، أو أن إيران وصلت المتوسط، هي تصريحات كما أنها تبين الطموحات الإيرانية التاريخية، تريد بث الأمل في المقاتلين؛ لإدراك الإدارة الإيرانية بأن الوهن واليأس قد أصابا بعض المقاتلين ولاسيما في سورية، والذي لا يرون أن النصر قريب كما وعد نصر الله منذ زمن بعيد. أما نصرالله، فيبدو أن له دوراً في حل الخلافات بين حلفاء إيران، ولاسيما أنهم ليسوا على قلب رجل واحد، وكثيراً ما تفرقهم المصالح ولا يجمعهم إلا الخطر المشترك، ولهذا سمعنا عن وساطة يقوم بها نصر الله بين الحوثي وصالح بعد أن كان الرباط سينفصل بعد تشكيل المجلس الرئاسي، وكذلك سمعنا عن وساطة لنصر الله أيضاً بين المالكي وحيدر العبادي.
صحيفة الحياة
http://alhayat.com/Opinion/Abdulrahmaan-Al-Toriri/8061041
الاثنين 16 مارس 2015
اترك تعليقاً