تعيش السعودية عهداً جديداً مع تولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز دفة القيادة، عبر انتقال الحكم بهذه السرعة والسلاسة، كما زاد من التطمين ملء منصب ولي ولي العهد بالأمير محمد بن نايف، وهو ما مهد إلى انتقال السلطة إلى الجيل الثالث أحفاد الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن -رحمه الله-.
وقد صدر خلال الأسبوع الماضي أكثر من 30 أمراً ملكياً، مثلت رؤية العهد الجديد للإدارة وتطلعاً إلى حاجات المواطنين، إضافة إلى إدراك حجم التحديات السياسية والاقتصادية التي تواجهها المملكة، وأيضاً الزج بالدماء الشابة وبروح القطاع الخاص، الذي عادةً ما يكون المنسوبون إليه أكثر كفاءةً؛ لطبيعة ارتباط القطاع الخاص بالأهداف.
وقد شملت التغييرات دخول 13 وزيراً، اثنان منهم هم وزراء دولة، وكان من أبرز القرارات إلغاء 12 مجلساً، عنيت بالأمن والاقتصاد والتعليم والطاقة، ومثَّل إلغاؤها إشارة مهمة للرؤية الإدارية الجديدة، إذ أثبتت هذه المجالس إسهامها في زيادة الإجراءات الروتينية، وهو ما أدى إلى ازدواج عمل الأجهزة الحكومية، ومن ثم تعثر أو بطء إنجاز مهام تلك الأجهزة.
السعودية، ومع بداية عام 2015، تواجه تحديات إقليمية كبيرة على أمنها الوطني، أخطار موجودة بالشكل الأكبر في اليمن منذ انقلاب الحوثيين واحتلال العاصمة صنعاء في 21 أيلول (سبتمبر) من العام الماضي، وتحدي التصدي للإرهاب الموجود عبر تنظيم داعش في العراق والشام، ودعم مصر الحليف المهم للمملكة في تصديها للإرهاب المتزايد في سيناء.
العام الجديد يحمل أيضاً تحديات اقتصادية، أهمها انخفاض أسعار النفط لأقل سعر منذ ست سنوات، مع عجز في الموازنة يبلغ 150 بليون ريال، ستعوضها المملكة عبر مخزونها النقدي، كما ينظر المواطنون إلى حل يسهم في زيادة عدد المواطنين المتملكين لمساكن، ومن ثم كان مهماً اعتماد 20 بليون ريال لمشاريع الكهرباء والمياه.
ولأن الأمن والاقتصاد أهم التحديات الوطنية، كان إغلاق 12مجلساً، ثم تشكيل مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، مجلس الشؤون السياسية والأمنية، أمراً لازماً لتوحيد الجهود، ولكي تكون القرارات في هذين الأمرين على أعلى درجات التنسيق، وفي ما يخص مجلس الشؤون السياسية والأمنية كان لافتاً ضمه إلى جميع الأجهزة المعنية.
حيث مثَّل مجلس وزراء مصغراً يحوي وزير الداخلية والخارجية والحرس الوطني والدفاع، إضافة إلى رئيس الاستخبارات العامة، وما وجود وزير الثقافة والإعلام ووزير الشؤون الإسلامية، إلا إشارة إلى أن الشأن الأمني والسياسي، أمر ثقافي وفكري يُعنى به الخطاب الديني، وكذلك الخطاب الإعلامي، ودورهما في محاربة الفكر الضال.
على جانب آخر، مثَّل مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، دائرة أكبر من الوزارات المعنية بالاقتصاد التي تتلمَّس حاجات المواطن التنموية، عبر وزراء المالية والاقتصاد والبترول والتجارة والصناعة، إضافة إلى الوزارات الخدمية، مثل الإسكان والنقل والعمل والمياه والكهرباء، ووزراء آخرين، برئاسة الأمير الشاب وزير الدفاع محمد بن سلمان.
كل تلكم التغييرات في شكل الإدارة والتخطيط والتنمية، وعلى رأسها المجلسان تحمل مؤشرات إيجابية للمواطنين، في شكل يركز الجهود الإدارية، وبمجلس وزراء يضم شباباً هم رهان الوطن، ويحمل للشباب الذين يمثلون ثلثي الوطن رسالة، فحواها أن السن لم يعد حاجزاً أمام الطموح والإصرار، والفرص مرتبطة بالجدية والإنجاز.
صحيفة الحياة
http://www.alhayat.com/Opinion/Abdulrahmaan-Al-Toriri/7140256/
الاثنين 2 فبراير 2015
اترك تعليقاً