خرج عبود الزمر وأخيه طارق الزمر من السجن في 13 مارس 2011 بقرار من المجلس الأعلى للقوات المسلحه، بعد ما يناهز الثلاثون عاما قضوها في السجن، بتهمة المساعدة في إغتيال الرئيس الراحل أنور السادات، الذي قتل خلال عرض عسكري في مدينه نصر، في المكان الموجود حاليا والمسمى بالمنصه.
وذلك بالمشاركة مع العناصر الأربعه التي قامت بالتنفيذ المباشر في في إغتيال السادات وذلك يوم 6 أكتوبر 1981 وهم خالد أحمد شوقي الإسلامبولي وكان ملازم اول في الجيش وهو أشهرهم ، وعطا طايل، وهو ملازم أول مهندس احتياط، وعبد الحميد عبد السلام وهو ضابط سابق بالدفاع الجوي ، وحسين عباس وهو رقيب متطوع بالدفاع الشعبي وهو صاحب الرصاصات الأولى التي توجهت للمنصه.
وقد حُكم على الأخوين بالمؤبد بتهمة المساعدة في إغتيال السادات والإنتماء لتنظيم الجهاد والتهمتين حسب قانون الجنايات المصري عقوبتهما المؤبد بالسجن 25 عاما، وقد يكون الإخراج بالعفو لحسن السيرة والسلوك بعد 15 سنه، وقد كان واُخرج بعض عناصر الجماعة بالعفو، أما الأخوين فظلا في السكن ثلاثون عاما، حتى أخرجهم الجيش قبل أيام لعدم وجود تهمه لهما وذلك منذ خمس سنوات.
ولعلي أنطلق بداية ببعض المعلومات البسيطة عن تنظيم الجهاد كتوطئة:
تعرف الجماعة بعدة مسميات: الجهاد الإسلامي، والجهاد الإسلامي المصري، والجهاد، وجماعة الجهاد، والجماعة الإسلامية.
برزت هذه الجماعة إلى الوجود في السبعينيات -كظاهرة أكثر منها كجماعة منظمة- في السجون وبعد ذلك في الجامعات المصرية. وإثر إطلاق الرئيس أنور السادات سراح معظم السجناء الإسلاميين بعد عام 1971 بدأت عدة مجموعات أو خلايا من المسلحين ينظمون أنفسهم وعرفوا بأسماء متعددة مثل حزب التحرير الإسلامي، وجماعة التكفير والهجرة، والناجون من النار، والجهاد، بما في ذلك الجماعة الإسلامية. وكانت كل خلية تعمل منفصلة ومستقلة، الأمر الذي سمح بتكوين تنظيم ولكنه لم يكن منظما كما ينبغي. ويبدو أنه كان هناك نوع من الاتصال المنظم بين قادة الجماعات المختلفة، لكن ليس من الواضح إن كان هناك توجه عام فعال لكل الجماعات، وغني عن القول أن من أبرز قياداتها هو أيمن الظواهري، وإن تذرع البعض بأن لكل تنظيم جناح متطرف وجناح متزن.
نعود إلى إطلاق سراح الأخوين الزمر قبل أيام، وحقيقة فقد تابعت بدقة لقاء د. طارق الزمر على قناة اليوم الأوربتيه في برنامج على الهوا مع الإعلامي جمال عنايت، ولقاء عبود الزمر على قناة دريم مع الإعلامية منى الشاذلي في برنامج العاشرة مساء، ومقاطع من برنامجين أخرين إستضافا عبود الزمر أيضا.
وكجيل لم يعش مقتل السادات، ونشاطات تنظيم الجهاد في السبيعينات، وإنما أدركنا جرائمهم في التسعينات الميلادية من تفجيرات لأتوبيسات السياحه، ومصالح إستراتيجيه في مصر، كان لدي شغف بمعرفة فكر هذه الجماعه من أحد أهم رموز هذه الجماعه، وعليه أردت أن أطرح عليكم أهم المواضيع التي ناقشها الإعلاميون مع الزمر إخوان، عسى أن تكون إضاءات لي ولكم حول فكر الجماعه في 2011 وبعد ثورة يناير في مصر.
أحد المواضيع الرئيسيه كانت دوافع التنظيم والمسوغات التي سفك على أثرها دم الرئيس الراحل محمد أنور السادات، وعلى أثرها قام التنظيم بإغتياله، وكانت المسوغات أن الرئيس بتوقيعه كامب ديفيد قد قام بخيانه للأمة المصريه، وما أعتبروه من خروج عن النسق العربي والإسلامي، بالإضافه إلى تحوله للتصدى لقيادات جماعات إسلاميه، وقيام السادات بإعتقالات واسعه لقيادات كثيره في الجهاد وصلت إلى 1536 عنصر في 2 سبتمبر 1980، وقد وجه السادات إهانات للقيادات بعد إعتقالها بأنهم كلاب وخلافه، وما لم يذكره الزمر أن شرارة الإعتقالات كان بسبب إغتيال التنظيم لأحد الشيوخ المعتدلين وترويع أصحاب الفكر الديني الوسطي.
ناقشت المقابلات موضوع مفصلي في فكر الجماعات ألا وهو التكفير، تكفيرالحاكم، بكل تكفير الجماعات لبعض، والأخطر كله عمليات على شاكلة إغتيال 132 ضابط وعسكري في أسيوط –جنوب مصر-، وهي ما يبيحه بعض التكفيريين بذريعة سفك بعض الدماء لخدمة الدين، وكان أكثر الأسئلة مباشرة للشيخ عبود: هل فكر التنظيم قابل للإنضواء تحت الديموقراطية ؟
فقال إن كان المقصود بالديموقراطية أن يحكم الناس بالناس فهو غير مقبول ويجب أن يكون هناك مرجعيات، ثم ألتف على الموضوع متداركا وإن كان المقصود بالديموقراطية حكم الأغلبية، فحكم الأغلبيه من صلب الشريعة الإسلاميه.
مسألة حقوق الأقباط، والدولة المدنية، والتعامل مع الأحزاب اليسارية والليبرالية وخلافه، هو أكثر المواضيع الملحه والمشتركه في كل اللقاءات مع الأخوان الزمر، لما هو معروف عن التنظيم من فكر الإقصاء.
وكان أكثر الأسئلة شمولا وصداميه: هل تقبل أن يرأس مصر إمراءه قبطية؟
والمفاجأه لي لم تكن في السؤال بل في الإجابة حيث قال إن بعض علماء المسلمين يعتبر أن قيادة القطر ولاية صغرى وعليها فهي تباح للمرأه !!!
هذا الكلام و قول الأخوين بأنهم لو علموا بأن مبارك من سيخلف السادات لما أغتالوه، يكون أن الهدف الرئيسي عودة الخلافة الإسلامية وأن الأمه تسبق الوطن.
أخيرا دخول السياسه كان جوابهم عليه بأن الظروف الخارجيه أوحت لهم بذلك !!، وحين سئلوا عن المراجعات التي اصدروها في التسعينات وتراجعهم عن العنف والإغتيالات، أن ذلك بعد تضامن القوى الدوليه والمحليه لضرب الإسلاميين في عمقهم، مما يعني أنهم لم يكونوا صادقين فيها وإنما كانت تقيه.
بالمصادفه أقرا حاليا كتاب تركي الدخيل المعنون “سلمان العودة من السجن إلى التنوير واقتطع منه “ويبدو أن مرحلة السجن، صنعت من سلمان العودة شخصا آخر، ساهمت في صقل أطروحاته، ومكنته من صناعة معايير فقهية وفكريه أخرى، ربما تكون هي الأكثر جدية واستنارة بين الطروحات الدينية. مر العودة بمراحل في طرحه الفكري، امتازت بالحدة في بداياتها، وبالنعومة والنقد غير المباشر بعد مرحلة السجن” صفحه 41
أعتقد أن الفارق بين الفكرين واضح، وصدق المراجعات والإتجاه للسماحة وقبول الآخر، هي المدخل الوحيد الذي يسمح للإسلامويين بالجلوس على طاولة الوطن مع كل من يختلفون معهم فكرا ودينا، لأن الآخر سيخشي أن يشارك ويختلف من سيعاقبه على الإختلاف بالسلاح.
لم تشتم رئه هواء أنقى من الحرية،،
اترك تعليقاً