وقّعت القوى السياسية في اليمن اتفاقاً جديداً حول تشكيل حكومة الشراكة الوطنية. وتم التوقيع بعد إجراء سلسلة من التعديلات على تشكيلة الحكومة، التي كان الحوثي اعترض على نسب المحاصصة فيها، وسبقها رفض الحوثيين تعيين أحمد عوض بن مبارك رئيساً للوزراء، كما ترفضه طهران بسبب خلفيته البعثية إبان تحصيله العلمي في بغداد.

ونصّ الاتفاق الأخير على تفويض رئيس اليمن عبدربه منصور هادي ورئيس الوزراء المكلف خالد بحاح بتشكيل حكومة كفاءات لا حكومة محاصصة، والمضحك تصريح صالح الصماد لقناة «العربية»، أن الدعم لهذه الحكومة سيكون من خلال تسهيل مهامها في تنفيذ اتفاق السلم والشراكة، قائلاً: «نأمل من رئيس اليمن ورئيس الوزراء أن يكونا بمستوى المسؤولية، وعلى مسافة واحدة من جميع الأطراف، بحيث يستطيعان الدفع بالعملية السياسية».

الحوثيون يدركون أن ما يحدث على الأرض هو ما يبقى، وهو ما يحقق مكتسباتهم وأحلامهم التوسعية، أما حبر الاتفاقات فعمره قصير، ودائماً يصنعها الأقوياء، وهو أداة تُستخدم لإرسال رسائل إلى الخارج، مؤكدة أن الحوثيين طرف سياسي يشتغل بالسياسة والمفاوضات، وربما المواءمات، وليس فقط مجموعة متمردين مسلحين نزلوا من الجبال بأسلحة خفيفة، وأحلام كبيرة، وليس أدل من براغماتيتهم عبر مد يدهم لعلي عبدالله صالح قاتل زعيمهم حسين الحوثي، والتعاون معه لإسقاط تجمع الإصلاح وبقية مؤسسات الدولة المهترئة، على قاعدة «عدو عدوي صديقي».

خلال الأسابيع الماضية تبين من أداء الحوثيين على الأرض أن آمالهم التوسعية لم تصل مداها بعدُ، كما تبين أن المناطق اليمنية لن تكون بالضعف والسهولة نفسها، ولا سيما مناطق كالبيضاء وإب، وشهدنا كيف أن تنظيم القاعدة بدأ ينشط عبر السيارات المفخخة، ويُسقط قتلى في صفوف الحوثي، مستعيداً لغة الطائفية المقتية، التي تجد أرضية عادة في المناطق السنية، كرد فعل على التصرفات الحوثية الطائفية، تماماً كما تحولت الأنبار وبعض المناطق السنية العراقية كحاضنات للقاعدة وأخواتها، كرد فعل على سياسات المالكي الطائفية.

وفي تحرك الحوثي الأخير وتوالي سيطرته على المدن، كان السؤال الأكبر: ما الذي دفع علي عبدالله صالح للتحالف مع الحوثيين، ومن ثم تقديم الدعم لهم عبر نفوذه في الجيش اليمني وحزب المؤتمر، خصوصاً والتحرك الحوثي تم بعد أسابيع من طلب قُدم للأمم المتحدة، لإيقاع عقوبات على علي عبدالله صالح ونجله؟ وليس على ذلك إجابة سوى أنه حاول قراءة اتجاهات الريح أميركياً، والتي أدرك أنها تسير نحو الشرق، إلى إيران.

علي عبدالله صالح أدرك أن الإستراتيجية الأميركية في المنطقة اليوم هي اختيار إيران حليفةً، وتسليمها ملفات بعض الدول، وما عدا ذلك تفاصيل وردود فعل. هذا يراه صالح ونراه في سورية والعراق وحتى في البحرين، وإن كان مخاض المخطط بحرينياً تعسر بسبب وقوف السعودية الحازم، ولكن ظلت أميركا تطبل لحقوق جمعية الوفاق ولسجناء المعارضة البحرينية الموالين لطهران، وصامتة عن 50 ألف سجين سني في سجون المالكي ثم العبادي.

صالح كان دوماً يفعل أي شيء إلا إغضاب الأميركان، ولهذا كانت سيادة اليمن دوماً منتهكة من الطائرات الأميركية لضرب عناصر «القاعدة»، وكذلك فعل حين تنحى، بعدما شاهد حدة خطاب أوباما تجاه مبارك، اليوم يعود ليكذب علينا وعلى الغرب مجدداً، عبر إيهامه الغرب بأنه القادر على تقديم الدعم اللوجستي للحوثيين لبتر جذور «القاعدة»، والقادر على لجم الحوثيين عند مدى معين، ومنع إضرارهم بمصالح الخليج، وفي الرياض بالتأكيد لا ينطلي كذب صالح اليوم، وتعرف أنه غدا ورقة محروقة، منذ أن عالجت وجهة المحروق في الرياض.

 

صحيفة الحياة

http://alhayat.com/Opinion/Abdulrahmaan-Al-Toriri/5450444/

الاثنين 3 نوفمبر 2014


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *