أعلنت إسرائيل خلال هذا الشهر الإنسحاب من الجزء الشمالي من قرية الغجر “اللبنانية”، والتي إحتلتها إسرائيل خلال العام 1981 بعد إحتلالها للجولان في العام 1976، وقد كان أن إنسحبت إسرائيل إلى الخط الأزرق الذي رسمته الأمم المتحده للحدود اللبنانيه الإسرائيليه وإن تحفظ الطرفان على بعض مافيه.
الجزء الشمالي من قرية الغجر يسكنه 1500 شخص جميعهم من معتنقي المذهب العلوي وهم سوريون يحملون هويات إسرائيليه، وهو أول إنسحاب في تاريخ إسرائيل من أرض سكانها إسرائيليون -هوية-.
جميع التصريحات تقليديه بعد قرار إسرائيل الإنسحاب الأحادي وتسليم شمال قرية الغجر للأمم المتحده، بعد تعليقها أي إسرائيل بأن تسليم القريه للدولة اللبنانية سيعطله حزب الله،
أمريكا رحبت بالقرار وأنه يأتي تنفيذا للقرار 1701 والذي يهدف بشكل رئيسي إلى إيقاف النار بين لبنان وإسرائيل.
تصريحات حزب الله كانت تقليديه كذلك حين رحبت بالإنسحاب وطالبت بإنسحاب إسرائيل من جميع الأراضي “اللبنانية” المحتله وهي مزارع شبعا وتلال كفر شوبا.
دائما ما تعلمنا من الأحداث المتشابكه في المنطقه، أن يكون سؤالنا الأول هو لم الآن؟ فالتوقيت دائما أول الأسرار وأهمها لفهم تصرف يبدو لطيفا في نظر غربي، ويبدو إلتواء أفعى بنظر شرقيه ثوريه، وفي السياسه هو لا هذا ولا ذاك.
أرى أن إنسحاب إسرائيل جاء بعدما فشلت المفاوضات المباشرة مع فلسطين، وبعيد الصفقه الضخمه من الإعانات والأسلحه التي قدمتها أمريكا لإسرائيل مقابل تجميد الإستيطان لمدة 90 يوما فقط، ويبدو أن الغجر كانت مما أتُفق عليه ولم يعلن، والإنسحاب أيضا يغطى على واحد من أخطر قرارات الكنيست في إتجاه عمليه السلام، وهو عدم إنسحاب إسرائيل من أي أرض فلسطينية أو الجولان إلا بإستفتاء شعبي، كقرار لا يفهم إلا كتخفيف للضغط القادم من حكومة أوباما على حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة.
على الطرف الآخر كان حزب الله يعاني منذ أشهر من إقتراب إعلان القرار الظني للمحكمة الدولية في قضية الشهيد رفيق الحريري، والذي لم يشك أحد في أنه سيتم إتهام عناصر من حزب الله فيه، وكان في البدايه مقلقا لحزب الله التقارب السعودي السوري، ورد على ذلك أحمدي نجاد بزيارة لبنان وتطمين الحزب.
حتى إتضح لحزب الله أن المسار السعودي السوري هو المسار الجاد الوحيد الذي قد يخدمهم ويخدم سلم اللبنانيين جميعا.
عودا إلى إنسحاب إسرائيل من الغجر، يجب القول أن هذا الإنسحاب يسبب حرج لحزب الله وهذا ما قام بالرد عليه حزب الله من إعلانه إكتشاف تجسس إسرائيل على هواتف لعناصر من الحزب، بتقنية حديثه ترسل الآف الرسائل من جوالك دون علمك لأجهزه التنصت الإسرائيليه،
وعودا للتوقيت مجددا فما كان هذا الإعلان من حزب الله إلا ذرا للرماد في العيون، وتخفيف الزخم الإعلامي الخاص بجريمة الحريري، وما زاد الإنسحاب الإسرائيلي عليه من حرج للحزب.
أما الحرج الذي ي تسببت فيه إسرائيل لحزب الله في لبنان فذاك لأن إتمام الإنسحاب الإسرائيلي من جميع الأراضي اللبنانية المتحله، يفتح ملف ترسيم الحدود بين سوريا ولبنان الذي طالما تلكئت به القوى المواليه لسوريا في لبنان وعلى رأسها حزب الله وأمل.
وليلحظ القارئ الكريم أني جعلت كلمة لبنانية بين علامتي تنصيص، وما ذاك إلا لأن الغجر وباقي الأراضي المحتله والمتمثله في تلال كفر شوبا ومزارع شبعا، لم يقر فريق 8 آذار هل هي أراضي لبنانيه؟ فيكون إعادة هذه الأراضي من إسرائيل محرج لحزب الله من حيث أن لم يعد هناك أراضي محتله لبنانية فبالتالي لا داعي لوجود سلاح مقاوم يتفرد به طرف ولا يكون تحت مظلة الدولة.
أم أنها أراضي سوريه ؟ وهو الأقرب، على الأقل بالإستناد إلى غالبية سكانها، وهنا الإحرج لحزب الله أكبر حيث يثبت بالبرهان أن حزب الله هو مدافع عن مصالح سوريه وإيرانيه وليس عن مصالح لبنانيه، بل الأسوأ على حساب مصالح لبنانيه.
في هذا المقال أردت أن أورد تصرفين من إسرائيل ثم حزب الله كأنا ذرا لغبار في وجه العالم، بعد أن أصيبا بالإحراج نتيجة ضغوط خارجية لا علاقه لها مباشرة مع صراع الطرفين، ولكن لأن معرفة الطرفين بأن إذكاء الصراع بينهما يحقق تأييد شعبي وصمت دولي.
عكس مسار الطرفين كان المسار السعودي ومنذ زيارة العاهل السعودي –شفاه الله وعافاه- التاريخية بمعيه الرئيس السوري بشار الأسد للبنان،إنتهاء بزيارة الحريري لطهران، تبدو لنا أن العرب وبنضج بدأوا بمساعي إستباقيه من الأطراف الحريصة على أمن المنطقه حتى تجنب المنطقة ويلات تشابهه ما حصل 2006 حين هرب حزب الله وإسرائيل بحربهما إلى الأمام بعد ضغوط مشابهه.
دمتم بأمان،،
29 نوفمبر 2010
اترك تعليقاً