الشحن الطائفي الذي تقوده إيران بامتياز، بشكل مباشر أو عبر عملائها في لبنان والعراق وسورية، إضافة إلى الوازع الديني عند الشعب السعودي، هو ما أسهم في إيجاد تربة لدى شباب سعوديين صغار في السن، لكي يغرر بهم ويكونوا حطباً لمعارك لا منتصر فيها في سورية وقبلها في العراق.
حيث عملت المخابرات السورية بشكل دؤوب على تدريب شباب سعوديين وغسل أدمغتهم، للمشاركة في محاربة الأميركان في العراق، إبان الغزو الأميركي للعراق في 2003، وكانت أشلاؤهم تنفجر بأحزمة ناسفة وسيارات مفخخة، من دون أن يحققوا أي نصر للإسلام والمسلمين، أو حتى إخراج للجيش الأميركي من العراق، ناهيك عن كونهم شهداء أو لا، ولم تكن النتيجة سوى تعضيد للسيطرة الإيرانية في العراق، وتوجية اللوم للمملكة عبر الوسائل الإعلامية الغربية، ولاسيما إسرائيلية الهوى.
وتجنيد الشباب السعودي كما أنه يوفر حطباً لمعارك سورية والعراق، مع ما يسببه من حرقة في قلوب أهاليهم، فإنه يحولهم إلى أشخاص يرون في وطنهم هدفاً لهم، وهذا شيء جربناه في حقبة ما بعد الجهاد الأفغاني، إذ تحول المجاهدون منذ 1996 إلى قنابل استهدفت الأمن والمواطنين والآمنين، عبر حوادث متتالية استهدفت استباحة ميزة وطن الحرمين الرئيسة، وهي نعمة الأمن والآمان التي حباها الله بها، قبل أن تتحرك وزارة الداخلية في مسارين متوازيين لحل معضلة الإرهاب، عبر ملاحقة العناصر الإرهابية، والقيام بعمليات استباقية تبطل المخططات العدوانية تجاه الوطن، والمسار الثاني عبر برنامج المناصحة.
اليوم تعود وزارة الداخلية للتأكيد على يقظتها وكفاءتها في حماية الوطن، عبر ثلاثة إعلانات متتالية، الأول كان إعلان القبض على ثمانية أشخاص في مدينة تمير، وتلاه مؤتمر المتحدث باسم وزارة الخارجية اللواء منصور التركي، الذي أعلن فيه القبض على 80 إرهابياً، إضافة إلى الثمانية المقبوض عليهم في تمير، تضمن 10 خلايا تتبنى الفكر الضال وتؤيده وتمجد الأعمال الإرهابية وغالبيتهم على تواصل مع عناصر التنظيمات الإرهابية خارج المملكة. وكان أخطر ما أورده التركي أنه كان لدى بعضهم «مخططات مبدئية لاغتيال أشخاص مختلفين»، أما بعضهم الآخر -بحسب التركي- «يعمل على تحديد السبل إلى الخروج من المملكة، والانضمام إلى الجماعات الإرهابية خارجها، أو تمثيلها داخل المملكة أو تمجيد أعمالها ومحاولة التجنيد لها، موضحاً أن التنظيمات الإرهابية استطاعت استدراج المسلمين من جميع أنحاء العالم، وأن من بعض الذين قُبض عليهم في المملكة أرسلوا أبناءهم إلى التنظيمات الخارجية».
الإعلان الثالث كان عن شبيحة أرسلهم الأسد للمملكة، لتنفيذ مخطط إرهابي، وبلغ عدد المتورطين في المخطط 48 عنصراً، في عمليات قبض بدأت منذ 7 صفر الماضي، وكان آخرها عملية جرت في تاريخ 26 شوال الماضي، فغالبيتهم من المقيمين على أراضي المملكة، أما 11 منهم فقد قدموا إليها زائرين.
الحوادث في مجملها تحمل إشارات عدة، أولها إدراك المملكة أن خطر السماح بتنامي التنظيمات الإرهابية، ولاسيما في سورية، والتلكؤ في دعم الجيش الحر، هو خطر لا ينحصر في سورية والعراق أو حتى عرسال اللبنانية، بل هو خطر لا يوجد أي دولة بمنأًى عنه، ولاسيما الدول العربية الكبرى، وكذلك أوروبا وأميركا، وهذا ما ورد في كلمة الملك عبدالله بكل صراحة، والذي صدم الغربيين عبر قوله إن الإرهاب إذا لم يُحارب فسيصل إلى أوروبا خلال شهر، وسيصل أميركا خلال شهرين.
أما المؤشر الإيجابي الآخر فيظهر جلياً في تمير، حيث كان المواطن هو رجل الأمن الأول، عبر إدراكه لخطر الإرهاب، وقيامه بدوره في الإبلاغ عمن غرَّروا بأبنائهم، ليذهبوا لمعركة مجهولة الهوية، والمؤشر الأخير هو يقظة أجهزة وزارة الداخلية، للقبض على الإرهابيين قبل أن ينفِّذوا أهدافهم الدنيئة، والذين نتمنى لهم السداد ولوطننا الخير والسلام من أعدائه الخارجين، الذين حين فشلوا في اختراق الوطن، حاولوا غسل أدمغة بعض شبابا ليكونوا مدافعَ فوهتها لإخوتهم.
صحيفة الحياة
http://www.alhayat.com/Opinion/Abdulrahmaan-Al-Toriri/4499180
الاثنين 8 سبتمبر 2014
اترك تعليقاً