رفضت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) رسمياً المبادرة المصرية لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وغزة، لأنها كما يصف المتحدث باسم «حماس» سامي أبوزهري «مبادرة تدعو إلى وقف القتال من دون وجود أي التزام إسرائيلي بشروط الفلسطينيين».
ونصت المبادرة على أن «تقوم إسرائيل بوقف جميع الأعمال العدائية على قطاع غزة براً وبحراً وجواً، مع التأكيد على عدم تنفيذ أي عمليات اجتياح برى لقطاع غزة أو استهداف المدنيين».
وأن تقوم بالمقابل الفصائل الفلسطينية كافة في قطاع غزة بإيقاف إطلاق النار من قطاع غزة تجاه إسرائيل جواً وبحراً وبراً وتحت الأرض، مع التأكيد على إيقاف إطلاق الصواريخ بمختلف أنواعها والهجمات على الحدود أو استهداف المدنيين».
إضافة إلى فتح المعابر وتسهيل حركة عبور الأشخاص والبضائع عبر المعابر الحدودية، ولكن ذلك لم يبدُ كافياً لـ«حماس» والفصائل المتحالفة معها، إذ أكدت سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، استمرارها في «المعركة مع إسرائيل حتى الاستجابة والرضوخ لشروط المقاومة».
حسناً، ما عساها تكون أهداف المقاومة عدى وقف القتل الإسرائيلي وفتح المعابر؟ ومن المستبعد بالطبع المقايضة بأسرى لأن المستوطنين الثلاثة – شرارة الحرب – لقوا حتفهم، وبالتالي لا يوجد جلعاد شاليط آخر.
ولفهم سبب رفض «حماس» للمبادرة الإسرائيلية، فنحتاج إلى العودة لأسباب قبولها بالمصالحة مع السلطة الفلسطينية بعد قطيعة دامت منذ انقلاب حماس في القطاع، خصوصاً مع المؤشرات الإيجابية للمصالحة وعلى رأسها الاتفاق على تشكيل الحكومة الوطنية خلال خمسة أسابيع، وعقد الانتخابات التشريعية والرئاسية بعد ستة أشهر.
لا يمكن فهم الدوافع والغايات من اختطاف المستوطنين الثلاثة، خارج الأحداث الجارية في المنطقة، وإذا ما عدنا إلى تحالفات حماس خلال الأعوام الأخيرة وبعدها الآيديولوجي المرتبطة أوشاجه بالمقطم، فالتأثيرات الإقليمية المؤثرة في «حماس» هي سقوط الإخوان المسلمين في مصر، وتراجع الدور القطري بالنتيجة، وكذلك معارك إيران في سورية والعراق، والأهم مفاوضاتها النووية في نهاية الشهر مع القوى الكبرى.
«حماس» خدمت إسرائيل ابتداءً عبر إفشالها الصلح الفلسطيني، والذي أغضب الإسرائيليين حينها وكذلك الأميركيين، الصلح الذي سيسقط الحجة الإسرائيلية بأن الفلسطينيين متشرذمين وليسوا مؤهلين لاتفاق سلام، وبالتالي تبقى حال حصار غزة ومستوطنات الضفة، وبعد الجهد العربي الكبير في مجلس الأمن، ثم استصدار المبادرة المصرية والضغط على نتنياهو، والذي أدى إلى انشقاق الوزير المتطرف ليبرمان عن تحالفه، عادوا وخدموا إسرائيل عبر رفض المبادرة المصرية، ليمنحوا الإسرائيليين فرصة المزايدة على العرب بأنهم أنصار السلام والعرب أنصار القتل.
إخوانية الهدف أو هدف الجماعة لا هدف الشعب، يبرز عبر إلغاء زيارة كيري لمصر، والالتقاءات والاتصالات التي تمت من بان كي مون والخارجية الأميركية ومن جهة والأتراك والقطريين من جهة أخرى، لشعورهم أن القرار في «حماس» محصور بين الدوحة وأنقرة.
كما أن مشاهد القتل والهدم والترويع في غزة تؤلم كل مسلم، خصوصاً تزامنها مع شهر رمضان المبارك، إلا أنه يجب ألا نغفل عن الأهداف والمستفيدين حقاً مما يحدث في غزة، وهل هناك أية نتائج ترجوها حقاً «حماس» تساوي الجراح والقتلى الذين تجاوزوا 200 فلسطيني.
إيران بخبثها السياسي قللت الدعم المادي لـ«حماس» بعد خروجها من دمشق ولم تقطعه، أبقت حبل الوصال مع خالد مشعل وجماعته، لأهمية الملف الفلسطيني والحاجة إلى تحريكه دوماً، ولا يمكن فهم الدعم الإيراني لـ«حماس» كل الأعوام الماضية، مترافقاً مع فتوى الخميني في 2007 بحرمة جهاد الشيعة في غزة، وهي الفتوى التي تشابه فتوى السيستاني في 2003 التي حرمت على الشيعة قتال الأميركيين، إلا من زاوية أن الإيرانيين أدركوا أن «حماس» تجار، لا يمانعون بيع جراح الأطفال ونواح الثكلى برزمة من الدولارات، فليست إيران جمعية خيرية، والمفاوضات النووية تستحق عملية شرورة وحرب غزة والإمساك بمفاتيح الحل سورياً وعراقياً ولبنانياً.
صحيفة الحياة
http://alhayat.com/Opinion/Abdulrahmaan-Al-Toriri/3701367/
الأثنين 21 يوليو 2014
اترك تعليقاً