«أقول كمان؟»

داخلياً يقوم الرئيس عبدالفتاح السيسي بالعمل على حاجة المواطن الأولى وهي الآمان، إذ ما زال الكاهرون والمترصدون يسعون إلى إشعال البلد وإعادتها لمرحلة التسعينات الميلادية، وآخرها التفجيرات الأربعة في مترو الأنفاق الأسبوع الماضي، كما أن القاهرة بدأت تتخلص من مرحلة اللادولة خلال الأعوام الثلاثة الماضية، وبدأت تتخلص من مظاهر الباعة الجائلين وعدم احترام النظام والمرور، وبدأت بالفعل استقبال العديد من السياح الخليجيين تبعاً لذلك. الجولات الخارجية للرئيس عبدالفتاح السيسي كانت لافتة، وعلى رأسها زيارة الجزائر ولقاء الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، إذ أكد ذلك أن الأمن الإقليمي أولوية لدى السيسي، ومن الواقعية أن ندرك أن مصر لا يُنتظر منها الكثير في ملفات عربية آسيوية مثل سورية والعراق، ولكن يُنتظر منها الكثير أفريقيا، وهو ما ظهر فعلاً خلال الأسبوع الأخير.

 إذ كان الملف الليبي على قائمة أجندة مباحثات بوتفليقة – السيسي، لأنه من دون حصر قطع السلاح المنتشرة بالملايين في ليبيا، والتنسيق على إجراءات حدودية مع ليبيا، لن تتمكن مصر والجزائر من حماية أراضيهما، ولا مساعدة ليبيا على استعادة أمنها وعودة الدولة، ما يصب في أمن الشمال الأفريقي، وفقد هذا الأمان خصوصاً في ليبيا هو ما عطل الكثير من التعاون المغاربي.

 نجح كذلك السيسي في رأب الصدع بين مصر والاتحاد الأفريقي بعد ٣٠ يونيو، واستعادة مصر لعضوية الاتحاد الأفريقي، واستعادة مكانة مصر التي تراجعت منذ عام 2001، مع زهد الرئيس مبارك في هذا الملف، كذلك التزام السيسي بالقضية العربية الأولى «فلسطين»، إذ أعرب خلال كلمته في افتتاح القمة الأفريقية بغينيا، عن اعتزازه بدعم الاتحاد الأفريقي لنضال الشعب الفلسطيني للحصول على حقه المشروع في إقامة دولة مستقلة عاصمتها القدس الشريف.

عودة هذه المكانة إلى «مصر أفريقيا» والتزامها عربياً بالملف الفلسطيني، أزعجا كثيراً من الأعداء وعلى رأسهم إسرائيل، ورداً على ذلك بدأ وزير الخارجية الصهيوني أفيجدور ليبرمان جولة أفريقية زار خلالها 5 دول هي رواندا وغانا وكينيا وإثيوبيا وساحل العاج، استغرقت الجولة 10 أيام اصطحب الوزير الصهيوني معه خلالها وفداً تجارياً تشكل من 50 ممثلاً عن شركات إسرائيلية لتعزيز العلاقات الاقتصادية مع الدول الأفريقية، ومن ثم جني ثمار هذه العلاقات سياسياً.

ومنذ الساعات الأولى لتولي الرئيس عبدالفتاح السيسي الحكم، هاجمه وزير خارجية تل أبيب أفيجدور ليبرمان، إثر حديثه عن القضية الفلسطينية في أول خطاباته بعد تولي الرئاسة، إذ اعتبر الوزير ليبرمان أن السيسي أخطأ حينما قال إن القضية الفلسطينية هي أهم قضية في الشرق الأوسط.

 صحيفة «معاريف» الإسرائيلية كشفت في تقرير لها عن أهداف ليبرمان من الجولة، فهو يهدف إلى قبول إسرائيل كدولة مراقبة في الاتحاد الأفريقي، فضلاً عن فتح السوق الأفريقي أمام المنتجات الإسرائيلية بديلاً عن الأوروبية، وأضاف إلى إزعاجهم زيارة السيسي لأثيوبيا والسودان، وهو ما يعني إدراك الحكومة المصرية لأهمية ملف الأمن المائي.

 انشغل الكثير من المتنطعين بصعود الرئيس عبدالفتاح السيسي لطائرة خادم الحرمين الشريفين، وهل يعتبر ذلك اجتماعاً على أرض مصرية أو أرض سعودية، ما يحقق وعد السيسي بجعل أولى زياراته للسعودية، ناهيك عن انشغالهم بقبلة السيسي على رأس كبير العرب كما يصفه السيسي، وهو نقاش يسفه عقل من يطرحه تأييداً أو امتعاضاً.

 والحقيقة أن عودة مصر قوية والتزامها بالدور الأفريقي والعربي، لا بد أن يكون مزعجاً لأعداء العرب في إسرائيل وبالطبع في إيران، ويجب أن يكون أكثر ما أزعجهم كلمة السيسي في حفل تخرج طلاب الكلية الحربية، حين قال: «الجيش المصري قادر على حماية مصر. أقول كمان؟ والمنطقة العربية».

صحيفة الحياة

http://alhayat.com/Opinion/Abdulrahmaan-Al-Toriri/3292988

الاثنين 30 يونيو 2014


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *