خلال أسبوعين من أحداث العراق ، والتي شهدت انسحاب قوات المالكي من الأنبار والموصل وصلاح الدين وديالى وغيرها، بعد هجوم من قوات الثائرين التي شارفت الوصول لبغداد ، مر الخطاب الإيراني المتعلق بالعراق بأربع مراحل.

المرحلة الأولى عبر عنها الإيرانيون بإستعدادهم للتعاون مع الأمريكيين ، إذا ما قررت أمريكا التدخل في العراق عسكريا، ثم ذكر الأمريكان أنهم لا يرغبون في التدخل في العراق عسكريا، وأنهم لا يرون التدخل العسكري حلاً للنزاع الدائر في العراق، فأعقبة مباشرة المرحلة الثانية من الخطاب الإيراني، الذي إعتبر أمريكا غير جادة في محاربة الإرهاب، إمعانا في الدعاية الإعلامية الكاذبة والتي تهدف لتشوية غضب سنة العراق من سياسة المالكي الإقصائية ، واختزال ما يحدث على الأرض بتحرك إرهابي من تنظيم داعش.

بعد ذلك بيوم خرج خامنئي مصرحا بأنه يرفض أي تدخل أمريكي في العراق ، كأعلى درجات الامتهان للسيادة العراقية ، ولكن ربما يفهم ذلك عبر التصريح الأخير للقيادة الإيرانية ، عبر مندوبها إلى العراق نوري المالكي ، والذي صرح في لقاءه الأسبوعي بأنه لا ينوي التنحي ، ومتمسك بولاية ثالثة بل ومعتبرا تشكيل حكومة وفاق وطني خروجا على الدستور.

ولفهم تلك المراحل الأربع من الخطاب الإيراني، لابد أن ننظر لها من زاوية جولة وزير الخارجية الأمريكي للمنطقة جون كيري، والذي حط رحاله أولا في مصر ، وهي زيارة غير مرتبطة مباشرة بالعراق، وتلاها زيارة الأردن ومدى قدرة الأردن على حماية حدوده مع العراق.

المهم عراقيا زيارتي كيري لبرزاني ثم المالكي، كان لافتا جداً في خضم إشتعال المعارك في العراق، تصريح برزاني الخاص بطرحه فكرة دولة كردستان ، والذي أصبح العنوان الرئيس والحديث عن وجوب تشكيل حكومة ائتلافية دون المالكي هو العنوان الفرعي، ويتبين أن هذا الأمر مرحب به عبر الأداء التركي.

يأتي ذلك إبتداء عبر الصمت الذي يفهم قبولا بقيام دولة كردستان، وكذلك بداية تصدير النفط الكردي بالفعل، عبر مرفأ جيهان التركي الواقع على البحر المتوسط، وقد شهدنا قبل عامين كيف أن تصرفات تركيا تعكس الهدف الحقيقي للسياسة الأمريكية، عندما خفت خطاب أردوغان الهجومي ضد الأسد، بعيد زيارة أردوغان لواشنطن ولقاءه بهيلاري كلينتون.

ما فاجئ الأمريكان في العراق اليوم يشابه الربيع العربي ، لم يكن يتوقعه الأمريكان لكن لا مانع من تطويعه لأهدافهم القديمة ، وتحقيق رؤية جو بايدن نائب الرئيس الأمريكي عبر تقسيم العراق، ولكن ليس لثلاث دول الآن ، بل لدولتين كمرحلة أولى على الطريقة السودانية.

الأربعاء أعلن جون كيري توجهه للسعودية يوم الجمعة، للقاء بالعاهل السعودي للحديث حول تطورات العراق الأخيرة، مشيرا إلى طلب الرئيس أوباما منه التوجه للرياض لمناقشة القضايا الإقليمية، وهي زيارة تشابه زيارته الأخيرة في نوفمبر من العام الماضي، الأولى رغب من خلالها في دعم السعودية للضغط على كرزاي، لمنح حصانه قضائية للجنود بعد أن فشلوا في ذلك.

وتأتي هذه الزيارة لمناقشة تقدم داعش ومدى خطورتها، مدركين أن العشائر والصحوات وحدهم من يستطيع لجم داعش، والحد من خطرها وسيطرتها على المناطق السنية، ومدى تأثير السعودية في هذا الشأن وثقة سنة العراق بالسعودية، وتأتي هذه الزيارة نتيجة فشل السياسة الأمريكية عبر سحب الجنود في 2011، وقبل ذلك فضيحة المليارات المدفوعة لتدريب الجيش العراقي، لتكون زيارة طلب المعونة من السعودية بعد الفشل الثاني.

 

 

نشر على الموقع الشخصي

الإربعاء 26 يونيو 2014


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *