كشف موقع استخباري إسرائيلي شهير على الإنترنت يوم الثلاثاء ٢٥ حزيران (يونيو) ٢٠١٣ أن إيران والسودان وقّعا اتفاقاً سرياً، تسعى بموجبه طهران إلى إنشاء قاعدة بحرية كبيرة في منطقة «بورتسودان» الساحلية علي البحر الأحمر. من أجل استخدامها في نقل الأسلحة الثقيلة، مثل الصواريخ والدبابات والمدفعية إلى سورية وحزب الله، على حد ما أورده الموقع الاستخباراتي.

 وقال موقع «ديبكا فايل» إن مجموعة تابعة لوحدات هندسة الحرس الثوري الإيراني متنكرة في زي مدنيين، يشرفون على عملية إنشاء القاعدة البحرية، مضيفاً أن هذه القاعدة البحرية الإيرانية تعتبر الثانية من نوعها بعد قاعدة أنشأتها في ميناء عصب جنوب إريتريا.

 وقال وزير الخارجية علي كرتي في لقاء بالإذاعة السودانية حينها إنه علم برسو السفن الإيرانية في الموانئ السودانية من أجهزة الإعلام، وكان الوزير يشير إلى رسو سفن الحربية الإيرانية في ميناء بورتسودان في نهاية عام 2012 بعد قصف إسرائيل لمصنع اليرموك بالخرطوم.

 وسبق ذلك تسريب إسرائيلي ونفي سوداني في كانون الأول (ديسمبر) ٢٠١٢، إذ نفت وزارة الخارجية السودانية بشدة تسريبات إعلامية إسرائيلية، تحدثت عن موافقة الخرطوم على بناء قاعدة عسكرية إيرانية بالبحر الأحمر، داخل العمق السوداني، وقالت إن إنشاء قواعد عسكرية أجنبية بالداخل مستحيل لتعارض الخطوة مع مبادئ الحكومة.

وعاد الوزير علي كرتي – كما أوردت صحيفة «الحياة» في ٢٩ أيار (مايو) الماضي، للحديث عن القاعدة الإيرانية التي رفض بناءها السودان على أراضيه، وكونها قاعدة تستهدف التراب السعودي، وأضاف: «بكل بصراحة علاقتنا توترت في عهد مرسي أكثر مما توترت في عهد الرئيس السابق حسني مبارك، لأن كثيراً من الملفات التي كان يظن أن الثورة ستزيلها لم تستطع حكومة مرسي إنجازها».

 وأبدى الوزير كرتي ترحيبه بنتائج الانتخابات التي جرت أخيراً في مصر، معرباً عن أمله أن تفضي هذه النتائج إلى تحقيق الاستقرار في مصر، وأكد في حديثه على استعداد السودان للتعاون معها في سبيل ترقية العلاقات الثنائية بين البلدين، مشيراً إلى دور السودان في تسهيل عملية التفاوض حول موضوع «سد النهضة».

 هذا السرد لمواقف السودان -التي يحكمها الإخوان المسلمون- مثال جيد لفهم أهداف «الربيع العربي»، وأن العلاقات بين تنظيم «الإخوان» وإيران ليس أمراً مبالغاً فيه، بل هو راسخ منذ زيارة رموزهم إلى طهران للتهنئة بنجاح ثورة الخميني، مروراً بتأييدهم لغزو صدام للكويت، وارتماء حماس في أحضان طهران.

 التغير في تصريحات السودان تجاه المملكة ومصر هو مؤشر لمدى الإدراك لثقل التحالف السعودي-المصري، إضافة إلى الضلع الثالث لهذا المحور وهو الإمارات، وهو إدراك لفشل مشروع «الإخوان» المدعوم أميركياً في المنطقة، وقد ظهر أثر ثقل مصر عبر خباثة انسحاب حركة النهضة من الحكومة التونسية، مباشرة عقب سقوط إخوان مصر، طمعاً في تمرير الدستور التونسي.

 الأثر المصري-السعودي نتج منه تغير على الأرض في ليبيا أيضاً، حيث اللواء حفتر الذي يحاول لملمة الدولة المتشرذمة قبلياً ومناطقياً، بل حتى في سورية هناك ترقب لموقف السيسي من الثورة، وخشية من توافق مصر مع موقف المملكة من سورية.

 خطاب المملكة القوي والدعم المطلق لمصر في أزمتها، هو إدراك لمشروع «الفوضى الخلاقة» الذي بدأ منذ 2003 عبر تفتيت العراق وتسليمها إلى إيران، وهو مشروع أراد تفكيك الدول العربية لتكون أصغر وأضعف وأكثر طائفية. خطاب الملك للرئيس عبدالفتاح السيسي، هو مشروع تضامن عروبي يتصدى لمشروع التفكيك، ويؤسس لمستقبل منطقة قوية من دون حماية غربية، وهذه رسالة رأيناها في «سيف عبدالله»، وقبلها المناورات المصرية-الإماراتية، ومن هنا يجب أن نقرأ التصريحات الودودة من السودان وغيرها.

صحيفة الحياة

http://alhayat.com/Opinion/Abdulrahmaan-Al-Toriri/2859392

الاثنين 09 يونيو 2014


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *