السيف الإلكتروني

فيما أبريل يُلَمْلِم آخر أوراقه يوشك الربيع أن يودعنا، وقريباً ستكون قصة «الربيع العربي» أثراً بعد عين. هذا إذا ما كان أحد يؤمن بأن كل هذه الفوضى كانت تمتُّ إلى «الربيع» بصلة، بعد ثلاثة أعوام وبضعة أشهر اختلفت نظرة الشعب العربي لكل تلكم الفوضى، وتساوى في ذلك من ربح ومن خسر. يبدو اليوم من كل التطورات في المنطقة أن هذا «الربيع» لم يعدُ كونه خطة ما قبل الرحيل بالنسبة إلى الولايات المتحدة الأميركية، التي لا تملك ترف البقاء في الشرق الأوسط ووسط آسيا معاً. الهدف الرئيس الذي صرح به أوباما قبل أعوام عن ضرورة الانتقال إلى الشرق لمناكفة التنين الصيني في عقر داره، وعدم ترك وسط آسيا والباسفيك مرتعاً للصينيين وحدهم.

مساعي التقسيم الأميركية تظهر جلياً في المنطقة اليوم، إذ ظهرت فيديرالية في اليمن وإنشاطرية في السودان، وتتجه إلى التقسيم الكامل في العراق وربما الجزائر، كذلك تحويل بؤرة الإرهاب بعيداً عن أفغانستان إلى سورية، وهو ما يسهل سحب الجنود الأميركيين من كابل.

ومن ثم تحويل سورية إلى منطقة حرب طويلة لا غالب فيها ولا مغلوب، عدا الشعب السوري بطبيعة الحال، وتحوُّلها إلى أرض استنزاف اقتصادي، ولاسيما لدول الخليج في دعمها للشعب السوري، أو حتى لإيران في دعمها لبشار الأسد، سواء عبر الدعم الإنساني في دول اللاجئين أم دعم الداخل السوري.

السعودية أبدت غضبها بصوت مرتفع عبر قرارات عدة خلال الأعوام القليلة السابقة، وهذا ما دفعها إلى تنويع حلفائها والاتجاه شرقاً نحو تعميق العلاقات مع الصين والهند، والتوافق مع روسيا على بعض الملفات الإقليمية، وتدعيم العلاقات التاريخية مع باكستان وآخرها المناورات العسكرية البحرية الأخيرة. والسعودية عبر إدراكها المخاطر المحيطة بها تحرص على تطوير القدرات العسكرية لقطاعاتها المختلفة، إذ شهدنا مناورات عدة مع فرنسا ومع مصر، وسبقتها مناورات مع بريطانيا والولايات المتحدة الأميركية، إضافة إلى الصفقات المتوالية، ومنها الطائرات على سبيل المثال، إذ تعد القدرة العسكرية السعودية اليوم في سلاح الطيران الأكثر تطوراً في المنطقة.

اليوم تشهد السعودية أكبر تدريب عسكري في تاريخها، وهو ما أُطلق عليه «سيف عبدالله»، إذ تشترك للمرة الأولى مختلف قطاعات الجيش العربي السعودي (البرية، البحرية، الجوية)، كما تشارك فيه أيضاً قوات الحرس الوطني، وقطاعات من وزارة الداخلية. كما يميز مناورات «سيف عبدالله» أنها تحدث في ثلاث مناطق في المملكة بالتزامن، في المنطقة الجنوبية والشمالية والشرقية، وتدار المناورات عبر مركز الدفاع، وهو المركز الرئيس في صناعة واتخاذ القرار العسكري، ويشارك فيها أكثر من 160 ألف عسكري، وتستمر 15 يوماً.

      أهم ما يميز هذا التمرين – إضافة إلى كونه الأول من نوعه في الشرق الأوسط – «الحرب الإلكترونية»، وجعل المملكة قادرة على التصدي لأخطار تتزايد معلوماتياً، وقد حظي التدريب باهتمام كبير من خادم الحرمين وولي عهده، وبإشراف عام من مهندس التمرين منذ بداية التخطيط له، وهو نائب وزير الدفاع والطيران الأمير سلمان بن سلطان. هذه القدرة العسكرية المتطورة وتكامل القطاعات في ما بينها وقدرتها على التنسيق المشترك، يعد رسالة للمواطن حول أمنه وأمانه، ورسالة إلى سرطان الخليج شرقاً، ولجميع أعداء الوطن إقليمياً ودولياً، بأن السعودية قادرة على حماية أراضيها والذود عن أبنائها، براً وبحراً وجواً وحتى إلكترونياً لو لزم الأمر.

صحيفة الحياة

http://www.alhayat.com/Opinion/Abdulrahmaan-Al-Toriri/2018378

الاثنين 28 أبريل 2014م


ردان على “السيف الإلكتروني”

  1. الصورة الرمزية لـ phoenix

    مقال جميل يثلج الصدر وبطرح ما نحتاج من تفائل لغد افضل واقوى

  2. الصورة الرمزية لـ phoenix

    مقال جميل يثلج الصدر ويدعو للتفائل بغد أفضل وأقوى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *