يفتحون باب الأنبوبة المتجهة إلى باب الطائرة، فيهب الجالسون للوقوف في طابور لاأبالغ لو قلت أنه امتد حتى البوابة المجاورة لأنبوبة أخرى.
الرحلة تبدو متجهة إلى بومباي مع بعض الركاب الذين يبدون من أندنوسيا ربما.
هي المرة الأولى مع الخطوط الإماراتية والثانية على طيران أجنبي من الرياض، حيث كانت المرة الأولى مع الخطوط التركية.
هممت لأقف في نهاية الصف، وما ذاك إلا لأننا أعداء ما نجهل ودائما محترمون مع الأجانب أو في الخارج ولو كانوا أشقائنا الإماراتيون.
ولكن إحدى السيدات وتبدو خادمة منزلية سمرتني في كرسيي، واقسمت اني لن اقوم حتى ينتهي الصف، وقد يكون البعض أعتقد أن ذاك من جمالها، ولكنني معتذرا اذكر ما قامت به،
فقد بصقت في كأس تحمله ثم وضعته على أحد منضدة من أولئك الموجودات بين كل مجموعة من ثلاث كراسي سوداء يزعمون أنها كنب، حتى تزور دبي أو الدوحة.
وما إن أختفى الصف عن العيان، غارقا في الممر إلى الطائره، حتى تناولت حقيبة حاسوبي المحمول بيميني، وكيسا ورقيا في يدي اليسار يحوي جوالي الآخر وكتابا وثلاث من صحف اليوم.
كان إختفائهم وهما حيث لم يكونوا اخذوا مقاعدهم في الطائرة بعد، بل كانوا لا يزالون مكتظين في صف طويل داخل الأنبوب، كان المسار الأيسر للدرجة الأولى والأفق أو درجة رجال الأعمال، وخلت تماما من أي راكب إلا رجل إماراتي مر وخطفني بنظرة مثلت البصقة الثانية خلال الرحلة، وكان لسان حاله يقول ادفع ثمن بخلك واستمتع بالرائحة.
فقد ظللت مستمتعا بما لذ وكان من رائحة لا تشبة إلا مطعما هنديا في الأحساء، كان نشمها أطفالا حين نزور عمي في الأحساء حيث أن المطعم كان قبالة مكتبتة، اسكنه الله فسيح جناتة.
كانت مقاعد الدرجة السياحية من الصغر بمكان بحيث تحس بتمددك للخارج من خلاله، لا سيما وأنت مؤخرا تتجاوز وزنا المئة كيلا، وها أنا تمر في ذهني عبارات تركي الدخيل في كتابة ذكريات سمين سابق-لا جعلني الله واياكم سمين لاحق-.
حاولت عبثا سرقة النظر حين وجدت مقعدي، لدرج علوي فارغ أضع فيه حقائبي قبل الوصول لمقعدي، حتى يكون استردادها اسهل خروجا، فلم اجد الا بعد مقعدي بمقعدين.
فوضعت حقيبة الحاسوب في ذاك المكان، وكان جزائي رفسة من راكب متجه إلى مؤخرة الطائرة، وكأني فجأه شبح لا يُرى.
خلال الرحلة كانت المطبات الهوائية معاناة أكبر، لأنه كما بدا لي بأن الكثير من الأخوة العمالة على الطائرةكان لديهم بشكل أو آخر مشاكل في الهضم، وحينها تعرف قيمة الزي السعودي، ووجود الشماغ فيه، فاللثام -اللطمة- أحيانا وجاء وإن لم يكن 100%، وليس في حالات العواصف الرملية فقط.
الحقيقة تتميز الطبقة الغير متعلمة من العمالة بتلقائية كبيرة، ينتج عنها عدم الإحساس بأي حرج في إطالة النظر إلى أي شئ، والله يمسى الأخوة المصريين –إذا مرت إمراءة- بالخير.
من أخطائي في الرحلة-خصوصا أنني كنت في أقصى اليمين- أني فتحت جريدة الشرق الأوسط من المنتصف لقراءة مقالات صفحات الرأي،والشؤم أن كان في الصفحة الأخيرة حسناء –وهي ليست خادمتنا بالطبع- مما جعل الراكب الجار الأيسر العزيز يلتصق بالجريدة، حتى ظننت أنه أقرب لمعصمي من ساعة يدي ! أو ربما أراد أن يعضني في ركبتي !!
كان العزاء في هذة الرحلة وملهم الصبر الأكبر المضيفات الودودات من روسيا وأوكرانيا الشقيقتين، وكما أتمنى على الأخوة في مجلس الشورى اقتراح وثيقة تبادل مع الأشقاء هناك ولو على سبيل تعريفهم بثقافة المسيار.
مشهد اخير مزعج في هذه الرحلة وهو لراكب يجلس امامي، يستمتع بإفزاعي كلما انسجمت في القراءة بشد الريموت اللاسلكي للتحكم بالشاشه، خصوصا اذا عرفنا انه مستقيم وليس متعرج مثل خطوطنا السعودية أقصد السلك طبعا.
وقد كان في حركته كمن يحاول تشغيل دباب، وربما هي مهنتة في الثمامة لا أدري.
بعيدا عن العذابات التي اكتنفت الرحلة، وصلت إلى دبي، وكانت كعروس متأنقة –وإن قل فقرا خاطبوها-، تركتها قبل خمس سنوات، وأتيت لأجدها أجمل بل وأرخص.
خلت من كل ما يكدر الخاطر خصوصا تنظيميا، عدا الشح في رؤية الإماراتيين، وصلت في ظل محاولات البعض للقفز على الاتحاد القائم بين الأمارات، ولكن حكماء الإمارات كانوا على الموعد وأثبتوا رسوخ الإتحاد، وما أجمل صور محمد بن راشد جنبا إلى جنب مع الشيخ خليفة بن زايد.
اعز الله الإمارات وأعز الله خليجنا، وأمد في أعمارنا حتى نتعامل بنفس الفلوس، ويزول كل ردئ من داخل النفوس.
8 مايو 2009
اترك تعليقاً