«لا بد من أن الرئيس باراك أوباما لاحظ خلال زيارته للرياض لهجة الذعر الموجودة تقريباً في كل شيء تقوم به المملكة العربية السعودية هذه الأيام، سواء من خلال الحملة التي امتدت عامين، طمعاً في الفوز بمقعد في مجلس الأمن فقط، للتخلي عنه فوراً بعد التصويت، أم من خلال تصريحاتها العلنية بشأن الاستمرار وحدها في سورية التي تعيش حال الفوضى، أو القطيعة مع شقيقتها العربية قطر، أو إغلاق مكتب قناة «الجزيرة» في الرياض، أو حظر كتب الشاعر الفلسطيني المشهور محمود درويش، أو بالطبع معارضتها الحل الديبلوماسي في ما يخص البرنامج النووي الإيراني، واحتمالات ذوبان الجليد بين الولايات المتحدة وإيران».
ما سبق من المقالة هو المقطع الأول من مقالة كاتب أميركي من أصل إيراني، هو تيريتا بارسي مؤسس ورئيس المجلس الأميركي – الإيراني الوطني، المقالة المنشورة في الثالث من نيسان (أبريل) الجاري، عنونها الكاتب: « لماذا السعوديون مذعورون»؟ وهو ما دفعني إلى الرد على بعض النقاط التي ذكرها، وصولاً إلى السؤال المستحق: «لماذا الإيرانيون مذعورون؟».
الكاتب يؤكد أن أوباما شعر برعب السعوديين وذعرهم خلال زيارته الأخيرة للرياض، وكأن أوباما شد الرحال بطائرة الرئاسة «إير فورس ون»، ليكتشف ثاني أعظم الاكتشافات في المملكة بعد النفط، وهو ذعر السعوديين، كما يروج الكاتب. في هذا التصور إهانة للتقدم العلمي الذي تعيشه أميركا، ومن ثم يحتاج رئيسها إلى السفر حتى يدرك ذعر دولة ما.
لا يمكن تفسير سعي المملكة الحثيث طوال عامين ثم تخليها عن المقعد بالذعر، بل يدل على نجاح المملكة في مسعاها للوصول إلى مجلس الأمن عبر مقعد غير دائم، وإقناع ما يربو على 160 دولة بالتصويت لها، ثم إن الانسحاب من مجلس الأمن لا يمكن أن يُفسر بمنأى عن غضب السعودية من سلبية مجلس الأمن تجاه قضايا إنسانية على رأسها الأزمة السورية.
الغضب السعودي والأهمية الدينية والاقتصادية هما ما أدّيا إلى زيارة أوباما للسعودية، بعد أن أدرك مقدار غضب السعوديين خلال زيارة كيري للرياض في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، كما لا يُتصور أن السعودية منعدمة الأهمية، وأن طاقتها انتهت، كما أراد أن يشير إليه الكاتب، إذ ذكر أن السعودية من المرجح أن تتراجع في ترتيب أعلى المنتجين للنفط خلف أميركا، وللتوضيح فالسعودية ثاني منتج للنفط في العالم بعد روسيا وتليها الولايات المتحدة ثالثاً، ولا ضرر في تجاوز الولايات المتحدة للمملكة في ترتيب المنتجين، لأن الإنتاج مرتبط بالحاجة الاقتصادية الآنية، أما المعيار الحقيقي فهو المخزون النفطي، الذي تأتي فيه المملكة ثانياً في العالم بعد فنزويلا، وليست أميركا من العشرة الأوائل في مخزون النفط، بحسب التقرير السنوي لمنظمة أوبك 2013.
السعودية لم تكن أبداً ضد الحل الديبلوماسي لسلاح إيران النووي، وقد رحبت بالمفاوضات بين إيران ودول(5+1). المملكة واضحة في أن مشكلتها الحقيقية مع إيران هي في التدخل في شؤون البلاد العربية، كما أن العقوبات لم تضر أبداً قدرة إيران العبثية، واقتصر ضررها على الشعب الإيراني، إذ كانت إيران تموِّل الحوثيين و»حزب الله» وترسل جواسيس إلى مصر والكويت وتدبر لاغتيال السفير السعودي في أميركا، بينما الإيرانيون يموتون جوعاً، لأن سعر الدجاجة تجاوز 20 دولاراً حينها.
وهنا نصل إلى السؤال: هل الإيرانيون في هلع؟ هل أخافتهم زيارة أوباما للرياض؟ ولاسيما وتصريحات البيت الأبيض لمحت إلى أن لا اتفاق مع إيران على حساب المملكة.
إيران أدركت أن قرارات بيت الحكم السعودي قبل وصول أوباما بيوم هي تأكيد على قدرة الأسرة الحاكمة على الاستمرارية والتكيف، كما أن الرعب أصابهم لأن إرضاء السعوديين بتسليح الجيش الحر سيمثِّل قاصمة ظهر لمحورهم، ومن ثم خسارة لبنان وسورية معاً، واضعين في الحسبان الترنح الذي يعيشه المالكي في العراق اليوم.
صحيفة الحياة
http://www.alhayat.com/Opinion/Abdulrahmaan-Al-Toriri/1787227
الاثنين 14 أبريل 2014
اترك تعليقاً